نفت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي صحة تقرير إخباري عن إصدارها مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير، على خلفية مزاعم عن تورطه في عمليات إبادة جماعية وجرائم حرب في إقليم دارفور.
وكان المدعي العام للمحكمة “لويس مورينو أوكامبو” طالب في يوليوز الماضي بإصدار مذكرة اعتقال بحق البشير على خلفية مزاعم عن تورطه في عمليات إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.
وقالت المتحدثة باسم المحكمة لورانسي بلارون يوم الخميس 12 فبراير الجاري: “حتى هذه اللحظة لا توجد مذكرة اعتقال”، مضيفة “إذا كان لدينا شيء نعلنه فسوف نعلنه، لكن لا يوجد مثل هذا الشيء حاليا”.
وأوضح “جان بيير لاكروا” نائب سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة في تصريح إعلامي الخميس أنه من غير الوارد أن تؤيد كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في هذه المرحلة أي قرار لتنفيذ المادة 16، في إشارة إلى البند الوارد في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والذي يعطي الحق لمجلس الأمن الدولي في تعليق إجراءات المحاكمة لفترة تصل إلى عام مرة واحدة قابلة للتجديد.
وقال “لاكروا” إن مؤيدي التأجيل يفتقرون إلى أغلبية في المجلس الذي تتمتع فيه بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بحق النقض الذي يمكنها من عرقلة أي توجه لتطبيق المادة 16.
وقد أكد دبلوماسيون في المجلس أن مبعوثي الولايات المتحدة وبريطانيا والنمسا وكرواتيا أبلغوا الاجتماع بمعارضتهم تأجيل لائحة اتهام للمحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر حسن البشير.
وقد انضمت روسيا والصين إلى الأفارقة والعرب في الإعراب عن تأييدهما لتأجيل صدور مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني على أساس أن هذا التأجيل سيصب في مصلحة تحقيق السلام في إقليم دارفور.
لماذا لا يدان قادة الكيان الصهيوني وقد أبادوا الآلاف من المسلمين؟
يدان الرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب إبادة جماعية في الجنوب، وهو الذي تصدى للمتمردين المدعومين من طرف عصابات الموت التي تعمل على خلق التوتر في دارفور بحكم أنه رئيس الدولة الذي يجب عليه تحقيق الأمن والسلام في مناطق التوتر في بلاده، في الوقت الذي يرتكب فيه الصهاينة عشرات المجازر والمحارق النازية في حق الفلسطينيين، ولا نجد أي مسؤول غربي يوجه لهم تهم الإدانة وبأنهم مجرموا حرب، وهم الذين جعلوا الدم الفلسطيني مختبر تجارب لأحدث أسلحتهم الفتاكة (قنابل فوسفورية، وأسلحة مسرطنة، ومادة الدايم..).
فقد رحبت هولندا بالإصدار المحتمل لمذكرة اعتقال البشير، وقال وزير خارجيتها “ماكسيم فيرهاجن”: إن هذه “خطوة تقدمية هامة للقانون الدولي”.
وأضاف “حينما توجه اتهامات ضد رئيس دولة لا يزال في السلطة ويتم تقديمه للمحاكمة فإن هذا سيكون تحذيرا واضحا لجميع دول العالم بأنه لا أحد فوق القانون”.
هذا في وقت لا يجرؤ فيه قادة العالم على إدانة “إيهود أولمرت” الذي يفتخر بقتل الآلاف من الفلسطينيين، فهل الصهاينة اليهود فوق القانون الدولي؟
الجواب نعم، لأنهم هم من صاغ ذلك القانون، وهم من يستولي على مراكز القرار في أوربا وأمريكا من خلال اللوبيات الصهيونية-اليهودية التي تهيمن على قطاع المال والأعمال وكذا قطاع الإعلام، مما يجعل الكيان الصهيوني قادرا على التحكم في طبيعة المواقف التي تتخذها الدول الأوربية من القضايا التي تهم البلدان الإسلامية، وهذا ما يفسر أيضا رفض الدول الغربية إدانة الكيان الصهيوني بعد ارتكابه جرائم الحرب في حق أهل غزة بله المصادقة على فرض عقوبات في حقه.
وبالمقابل نرى أن كل الدول الإسلامية المعادية للصهاينة قد نالت حصتها من قرارات العقوبات الصادرة عن المنظمات الدولية، هذا في الوقت الذي تغض فيه هذه المنظمات الطرف عن جرائم أمريكا في أفغانستان حيث دمرت العشرات من القرى مرتكبة جرائم حقيقية ضد الإنسانية، أبادت فيها الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ في حرب خالفت فيها كل الأعراف والقوانين الدولية التي يفرض احترامها على الدول الإسلامية المستضعفة فقط.
ألم يرتكب “جورج بوش” الصغير مجازر القتل والإبادة التي لا زالت مستمرة أحداثها في أفغانستان والعراق والصومال؟
أفلا يجدر بمن يدافعون عن القانون الدولي والشرعية الدولية إدانة رئيس الولايات المتحدة؟
ربما كان الجواب لا، لأن الشرعية الدولية والقانون الدولي أكذوبة تصلح فقط لدعم أكاذيب من قبيل أسلحة الدمار الشامل العراقية التي تدخلت أمريكا لنزعها تحت أعين الأمم المتحدة، وكانت إيديولوجيا الحفاظ على الأمن العالمي المسوغ والأداة القانونية التي استندت إليها دول العالم الحر المتنور في تأييدها لاحتلال العراق، بينما الحقيقة تبقى متمثلة في الحفاظ على الأمن القومي للكيان الصهيوني مقابل استنزاف خيرات ونفط العراق المسلم.
الدور نفسه للدول الغربية نفسها والذريعة نفسها وهي البكاء على الإنسانية وادعاء حمايتها من الإبادة تتكرر في مهزلة دارفور.