مسؤولية الدول العربية على حصار غزة الصامدة قاسم العلوش

إن ما تعيشه غزة الصامدة من اشتداد الحصار الصهيو-أمريكي عليها بتواطئ مكشوف للدول العربية ليس له إلا معنى وحدا يفسره، وهو أن غزة أصبحت رمزا لفضح الأنظمة العربية الفاشلة وبيان خضوعها التام للعدو الصهيوني، وأن أية عملية أو حركة مقاومة تصدر من أبطال غزة وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة تهدف إلى رفض الغطرسة والتسلط اليهودي على الأرض العربية صار بمثابة مصدر إقلاق يزعج راحة الأنظمة العربية التي تؤثر البحث عن حل مشاكلها من خلال الهبات والقروض التي تحصلها من أمريكا وأوروبا مقابل صمتها وتواطئها على القضية الفلسطينية.
إن من بين أهم دوافع لهفة الأنظمة العربية على التفاوض مع الكيان الصهيوني في مؤامرة “أنا بوليس”، كان هو السعي لإخراج الكيان الصهيوني من الورطة التي غرق فيها بفضل الضربات الموجعة لصواريخ المقاومة الفلسطينية التي صارت تقض مضجع المستوطنين اليهود في المغتصبات الفلسطينية، وتزعزع كراسي المسئولين السياسيين والعسكريين الصهاينة، هذا الموقف العربي المتخاذل منح الكيان الصهيوني الشرعية السياسية العربية الرسمية لتنفيذ مخطط إحكام الحصار على غزة الصامدة، ولم لا اقتحامها بهدف تجفيف حصون “الإرهاب الفلسطيني” بالقطاع بحسب التعبير الصهيو-أمريكي.
إن ما نراه ينفذ الآن على الأرض الفلسطينية السليبة يوضح الهدف من زيارة “بوش” إلى الكيان الصهيوني ودول الخليج العربي ومصر، المتمثل في تأكيد صمت دول الجوار الفلسطيني لضمان حسن سير المخطط الإجرامي الصهيوني اتجاه قطاع غزة الصامد، وهذا ما أثبتته الأحداث منذ بدء المجازر الإجرامية الوحشية الصهيونية أمام أنظار كل دول العالم التي تدعي المدنيَّة والتحضر.
فأين هي إذن الأنظمة العربية التي تدعي حرصها على الدفاع عن الحقوق الفلسطينية؟
أين هي الدول الغربية المتقدمة التي ترفع شعار محاربة الإرهاب وضمان قيم الحرية وحق الشعوب في تقرير المصير؟
أم أن الفلسطينيين ما صار لهم حق من وجهة نظر النظام العربي الرسمي المنبطح؟
أم أن الإجرام الصيهو-أمريكي اتجاه الشعب الفلسطيني الأعزل لا يسمى إرهابا في المنظومة الفسلفية والقانونية الغربية التي أضحت مغلفة بغلاف الفلسفة الصهيو-مسيحية في نظرتها للصراع العربي الفلسطيني؟
أم أن الشعب الفلسطيني المحتل ليس له حق تقرير مصيره والدفاع عن كرامة أرضه وإنسانه في عصر اختلت فيه كل القيم الإنسانية في ظل عولمة الفكر والثقافة الأمريكية، ثقافة رعاة البقر في “تكساس”، وقطاع الطرق في “سان فرانسيسكو”؟!
إن الأنظمة العربية، خاصة دول الجوار الفلسطيني سيسجل عليها التاريخ خيانتها للشعب الفلسطيني، ولا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تبرر صمتها الفظيع عن الإجرام الصهيوني والأمريكي اتجاه قطاع غزة الصامد بأي ذريعة يقبلها العقلاء، إلا ذريعة انتهازيتها في التعامل مع القضية الفلسطينية، وأنها توقع بصمتها الحالي على وثيقة إدانتها وجعلها في قفص الاتهام المباشر من طرف شعوبها، على أنها هي التي أعطت الغطاء السياسي العربي للكيان الصهيوني لتصفية آخر معقل من معاقل الصمود الفلسطيني حتى يتسنى لها فيما بعد الدخول في عملية التطبيع المباشر والسافر معه.
غير أننا نقول إن الكيان الصهيوني المجرم لن يروي الدم الفلسطيني ظمأه، بل سيسعى إلى المزيد من دم دول شعوب المنطقة في عمليات اكتساح قريب لباقي دول الجوار في إطار تحقيقه هدفه الكبير، ألا وهو تأسيس الكيان اليهودي الكبير من الفرات إلى النيل بحسب الأساطير المؤسسة للسياسة الصهيونية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *