الإحسان إلى الناس عبادة من أفضل العبادات وقربة من أجل القربات، بها تنمو المحبة، وتزداد الألفة والمودة، وتقوى أواصر الأخوة، وينتشر بين أبناء المجتمع روح التعاون والتكاتف والترابط؛ ولهذا كانت من البر الذي أمر الله به والتعاون عليه ومن الإحسان الذي دعا إليه وأمر به وجازى عليه..
قال تعالى: {وَتَعاوَنُوا عَلى البِرِّ والتَّقوَى}، وقال: {وَأَحۡسِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ} البقرة:195
والإحسان مأخوذ من الحسن، وهو كل شيء جميل، ودين الله يقوم في حقيقته على الإحسان، فهو إما إحسان في عبادة الله، وإما إحسان مع خلقه وإليهم.
وحقيقة الإحسان: بذل الخير للغير دون انتظار مقابل. فهو في أصله محض عطاء وتفضل.
وعليه فالمحسن الأعظم على الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى، فهو صاحب المن والفضل والجود والإحسان على عباده، فما بهم من نعمة فمنه جل في علاه، وما في يدهم من خير إلا هو الذي أعطاه، {وما بكم من نعمة فمن الله} [النَّحل:53].
وقد أمر الله تعالى عباده بالإحسان في كثير من آيات القرآن:
قال سبحانه: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النَّحل:90]، وقال تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً} [البقرة:83]. فهو أمر بالإحسان في القول والعمل جميعا. وقال: {وَأَحۡسِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ}[البقرة:195]، وقال: {لِّلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ ٱلۡحُسۡنَىٰ وَزِيَادَةٞۖ وَلَا يَرۡهَقُ وُجُوهَهُمۡ قَتَرٞ وَلَا ذِلَّةٌۚ أُوْلَٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُون} [يونس:26]، {لِلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٞۗ}[الزمر:10]، {إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَا} [الإسراء:7].
وعلى العموم فإن الدعوة إلى الإحسان في كتاب الله متوافرة ومتكاثرة وأساليبها كذلك متنوعة: فتارة يأمر به أمرا مباشرا، وتارة بالإخبار أنَّه يحبُّ المُحسنين، وأنَّه مع المُحسنين، وأنه يجزي الذين أحسنوا بالحُسنى وزيادة، وأنه لا يضيع أجر المُحسنين، ولا يضيع أجرَ من أحسن عملاً، كما أنه تارة يأتي مقرونًا بالإيمان، وتارة مقرونًا بالتَّقوى أو بالعمَل الصَّالِح، كلُّ ذلك مما يدلُّ على فضل الإحسان وعظيم ثوابه عند الله تعالى.
روى ابن حبان في صحيحه قال صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)..
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنه: “صاحب المعروف لا يقع فإن وقع وجد متكئا”.