الخذلان هو ترك الإعانة والنصر والإغاثة، وهو من الصفات الذميمة التي تستجلب الذل والهوان؛ قال طالب بن أبي طالب:
ألا إن كعبا في الحروب تخاذلوا فأردَتْهم الأيام واجترحوا ذنبا
وقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره” رواه مسلم.
قال النَّوويُّ رحمه الله: (وأمَّا: لا يَخْذُله. فقال العلماء: الخَذْل: ترك الإعانة والنَّصر، ومعناه إذا استعان به في دفع ظالم ونحوه، لزمه إعانته إذا أمكنه، ولم يكن له عذر شرعيٌّ).
وعن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: “لا يزال مِن أمَّتي أمَّة قائمة بأمر الله، لا يضرُّهم مَن خذلهم ولا مَن خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك” رواه البخاري.
قال ملا علي القاري: (… “مَن خَذَلهم” أي: مَن ترك عونهم ونصرهم، بل ضرَّ نفسه).
وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على نصرة المسلم لأخيه المسلم، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا” قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالـمًا؟ قال: “تأخذ فوق يديه”رواه البخاري. بمعنى منعه من الظلم.
وقال تعالى: {لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَـهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً} [الإسراء: 22].
قال ابن كثير: (مخْذُولاً لأنَّ الرَّبَّ تعالى لا ينصرك، بل يَكِلُك إلى الذي عبدت معه، وهو لا يملك لك ضرًّا ولا نفعًا؛ لأنَّ مالك الضرِّ والنَّفع هو الله وحده لا شريك له).
وقال تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 26].
قال أبو حيان الأندلسيُّ: (وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء قيل تعز بالتَّوفيق والعِرْفَان، وتُذِلُّ بالخِذْلَان).
وقال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً} [الفرقان: 27-29].
قال ابن كثير رحمه الله تعالى: (يخذله عن الحقِّ، ويصرفه عنه، ويستعمله في الباطل، ويدعوه إليه).