الخلفي*: المغرب واضح أمام العالم في تعديل مدونة الأسرة ولن يسمَح بمخالفة الشريعة الإسلامية   حاوره: عبد الصمد ايشن

 

المغرب كان واضحا في الدستور عندما قال أن سمو الاتفاقيات الدولية وليست التوصيات لأن الدول هي التي تصدرها، وهناك توصيات دعت إلى أن ينسحب المغرب من الصحراء المغربية، هل نقبل بها؟

1ــ ما هي علاقة مراجعة مدونة الأسرة بالسياق الدولي ودرجة الزام هذا السياق؟

مدونة الأسرة قضية مصيرية بالنسبة لمستقبل المغرب، لابد من التأكيد على أن المغرب يحرص باستمرار على تأكيد استقلال قراره الوطني خاصة لما يتعلق الأمر بالقضايا الكبرى، كتعديل الدستور أو مراجعة مدونة الأسرة، وأن تكون الوثائق المرجعية للبلد، نتاجا خالصا للإرادة الوطنية.

المغرب ليس بلد منعزلا بل منفتحا، لكن ينفتح في إطار الثوابت ولهذا لما طرحت أنه يجب الانتباه إلى جانب السياق الوطني لمراجعة مدونة الأسرة، هناك سياق دولي موازي، يؤثر على بعض الجهات خاصة الفاعلة في العمل الجمعوي تعمل على الاستقواء به لفرض أجنداتها، ولهذا لما ننبه للسياق الدولي وما هو مطروح على بلادنا على المستوى الخارجي من أجل أن ننتبه للأجندة الأخرى غير الأجندة الوطنية التي تريد أن تجعل من إصلاح المدونة استجابة لحاجيات وطنية داخلية.

السياق الدولي في مدونة الأسرة يرتبط بثلاثة آليات ومن المطلوب أن نعيها في سياقها وتطورها التاريخي وما نتج عنها من توصيات ومطالب، أقصد بهذه الآليات، الآلية الأولى المرتبطة بوضعية المرأة في إطار اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، والآلية الثانية المرتبطة بتنفيذ منهاج عمل بكين للمؤتمر العالمي حول المرأة لسنة 1995، والذي مازال مستمرا في إنتاج التوصيات والمطالب، والآلية الثالثة هي التي تصدر في إطار عمليات الاستعراض الدوري الشامل وعبره يتقدم المغرب بما قام به وأنجزه في الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها في مجال حقوق الإنسان.

2ــ ما هي خلفيات السياق الدولي المناهض للأسرة والأجندات الكامنة وراءه؟

الشعارات براقة وأحيانا لا يختلف حولها إنسان، ولكن في التفاصيل يكمن الشيطان، حينما يتم إقحام توصيات لجعل الأسرة ووضع المرأة بمثابة نسخة للأسرة  والمرأة في الغرب، سواء في أوروبا أو في أمريكا وتنميط العالم على ذلك النموذج بفلسفته المادية المؤطرة بتيارات إباحية، والمهووسة برهانات الفردانية والاستهلاك وأحيانا رهانات معادية للإنسان والأسرة، وعدد من هذه التيارات ينجح في زرع توصيات يقع تبنيها عالميا ويتم تصريفها تدريجيا على مستوى الدول. منهاج عمل بكين كما قلت كانت أول خطة في سنة 1999 كمشروع وكان من مضامينها ما يتعلق بمدونة الأحول الشخصية انذاك. وللإشارة هذه المدونة من الناحية القانونية والسياسية هي أهم وثيقة بعد الدستور، أي مدونة الأسرة حاليا، لكونها تجسيد عملي للهوية الإسلامية بالمغرب، وهي الخلية الأساس للمجتمع كما قال خطاب صاحب الجلالة.

الخطة أتت في إطار توصيات مؤتمر بكين وأعطتنا مجموعة من التعديلات تهم مدونة الأحوال الشخصية وآثار ذلك احتجاجات واسعة مستوى الشعب، وعمل جلالة الملك على إعادة الأمور إلى نصابها وإحداث لجنة استشارية لإصلاح مدونة الأسرة. وكل خمس سنوات بعد مؤتمر يعقد اجتماع وآخر اجتماع كان في مارس 2020 والذي أعلن أن الفترة الممتدة بين 2020 و2025 هي السنوات التي سيقع فيها العمل على إقرار المساواة الكاملة فيما يتعلق بالمرأة، والاستثناءات الواردة سيقع انهاؤها تماما. وخرجت توصيات كبيرة ووضعت رهن إشارتها آليات تمويل ضخمة حوالي 40 مليار دولار، وأحدثت لذلك تحالفات وشبكات.

3ــ رغم وضوح المرجعيات التي حددها الخطاب الملكي لتعديل مدونة الأسرة إلا أنه هناك جهات تضبب هذا الوضوح، ما هي في نظركم حجة الخصوصية الوطني في تعديل المدونة؟

الفصل 32 من الدستور، فصل صريح في كون الأسرة مبنية على علاقة زواج شرعي ومنحها المشرع الدستوري هذه الصفة أي أنها علاقة شرعية، وخطاب جلالة الملك أكد على أن الأسرة مقدسة ولها قدسية. وهذا هو جوهر التناقض بين السياق الوطني في الإصلاح والسياق الدولي..

المغرب كان واضحا في الدستور عندما قال أن سمو الاتفاقيات الدولية وليست التوصيات لأن الدول هي التي تصدرها، وهناك توصيات دعت إلى أن ينسحب المغرب من الصحراء المغربية، هل نقبل بها؟ هناك إذن اتفاقيات وهناك توصيات، الاتفاقيات التي لها السمو هي التي صادق عليها المغرب وكما صادق عليها، أي إذا كانت هناك تحفظات وإعلانات تفسيرية أو غيرها. مثلا اتفاقية الاتحاد الإفريقي المتعلقة بمكافحة الفساد هذه الاتفاقية أرفقناها بإعلان تفسيري أنه لا يمكن تفسر على أن المغرب يقر ويقبل بأي كيان انفصالي يؤدي إلى تقسيمه.

وهناك الفصل 32 من الدستور، وهو فصل صريح في كون الأسرة مبنية على علاقة زواج شرعي ومنحها المشرع الدستوري هذه الصفة أي أنها علاقة شرعية، وخطاب جلالة الملك أكد على أن الأسرة مقدسة ولها قدسية. وهذا هو جوهر التناقض بين السياق الوطني في الإصلاح والسياق الدولي.

السياق الدولي قضية الأسرة عنده هامشية ويجعلون من العسير تأسيس الأسرة وإذا ما أسست فينبغي تفكيكها بأسرع وقت ممكن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*وزير سابق وقيادي بحزب العدالة والتنمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *