لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح

 

الرؤيا ما يراه الإنسان في نومه، والرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوّة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة) رواه البخاري. والرؤيا الصادقة الصالحة كانت من بدايات مراحل الوحي لنبينا صلى الله عليه وسلم، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) رواه البخاري.

قال ابن حجر: “فرؤيا النبي كلها صادقة وقد تكون صالحة وهي الأكثر، وغير صالحة بالنسبة للدنيا كما وقع في الرؤيا يوم أُحُد (رؤيا النبي مقتل بعض أصحابه)”. وقال ابن القيم في كتابه “زاد المعاد”: “كمَّل الله له ـ صلى الله عليه وسلم ـ من مراتب الوحي مراتب عديدة: إحداها: الرؤيا الصادقة، وكانت مبدأ وحيه صلى الله عليه وسلم، وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح”.

وقال القاضي عياض: “(أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصادقة): في هذا حكمة من الله تعالى، وتدريج لنبيه صلى الله عليه وسلم لما أراده الله عز وجل به لئلا يفجأه الملك، ويأتيه صريح النبوة بغتة فلا تحتملها قوى البشرية، فبدأ أمره بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة، من صدق الرؤيا”. وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: “قال المهلب: هي تباشير النبوة وكيفية بدئها، لأنه لم يقع فيها ضغث، فيتساوى مع الناس في ذلك، بل خُصَّ بصدقها كلها، وكذلك قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحى، وقرأ: {إِنيِ أَرَى في الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ} (الصافات:102) فتمم الله عليه النبوة، بأن أرسل إليه الملَك في اليقظة، وكشف له عن الحقيقة، فكانت الأولى في النوم.. حتى أكملها الله له في اليقظة تفضلاً من الله تعالى”.

والسيرة النبوية فيها الكثير من الرؤى التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وحدثت وتحققت وفق ما رآها، ومن ذلك:

رؤيته صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة دار الهجرة قبل ذهابه إليها، ورؤيته في المنام امرأة سوداء ثائرة الرأس، خرجت من المدينة حتى نزلت الجحفة، فأولها أن وباء المدينة ـ الذي كان متفشيا فيها ـ خرج من المدينة ونُقِل إلى الجحفة. ورؤيته صلى الله عليه وسلم للملائكة وهي تحمل له عائشة رضي الله عنها قبل زواجه بها بمدة وتقول له: (هذه امرأتك (زوجتك))، وهو يقول: (إن يكُ هذا مِنْ عند الله يُمْضِه).

ورؤيته صلى الله عليه وسلم في نومه قبل غزة أحد بقراً تذبح، وكان تأويلها النفر من أصحابه الذين أصيبوا في أُحُد وقُتِلوا. وكذلك رؤيته صلوات الله وسلامه عليه في المنام لبعض أصحابه الذين سيغزون بعد موته ويركبون البحر، فسألته أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها أن يدعو الله لها أن تكون منهم، فأخبرها أنها منهم، وقد وقعت وتحققت هذه الرؤيا في زمن معاوية رضي الله عنه. وكذلك رؤيته صلى الله عليه وسلم لمفاتيح خزائن الأرض التي وضعت بين يديه، وكذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة أنه في دار عقبة بن رافع، وأنه أتي برطب، فأولها الرفعة لنا في الدين، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *