“علينا أن نسير سيرة الأوربيين، ونسلك طريقهم، لنكون لهم أنداداً، فنأخذ الحضارة خيرها وشرّها، وحُلوها ومُرِّها، وما يُحَبُّ منها وما يُكرَه، وما يُحمَد منها، وما يُعاب” (طه حسين)
قبل أن نصدم القراء الأعزاء بتصرحات طه حسين “أبي كلود” (1) كما يكنيه المدير العام للأزهر الشريف سابقا محمد محمد الدهان، نود أن نقرر أن المستعمر الإنجليزي الذي أنبت إسرائيل في فلسطين والقدس هو نفسه من لقب هذه الشخصية المستغربة المستلبة بعميد الأدب العربي ،ومن ثم أعطاها حق العبث في ديننا وأدبنا، أما علماء الأزهر وطلبته فكانوا من خصومه الألداء، وكانوا منه محذرين.
فطه حسين يعتبر أبرز المسؤولين عن كثير من مظاهر الفساد والتحلل التي ينوء بها المجتمع اليوم، لقد خاض معركة بل معارك من أجل “تسميم” ينابيع الإسلام، وتحريف مفهوم النصوص الشرعية وتزييف التاريخ الإسلامي، معتمداً على سياسة المستشرقين في التحول من المهاجمة العلنية للإسلام إلى خداع المسلمين بتقديم طُعْم ناعم في أول الأبحاث ثم دس السم على مهل متستراً وراء دعوى “البحث العلمي” و”حرية الرأي!” شأنه في ذلك شأن كل العلمانيين في المغرب كـ”محمد عابد الجابري”و” العروي”و”سعيد الكحل” و”عبد القادر البنة” وغيرهم.
وليس المقام مقام الترجمة لطه حسين، ولكنه مقام التنبيه إلى دوره الخطير في محاربة الإسلام وتهديد حصونه من داخلها، ثم سرد مقتطفات من أقواله وأفعاله التي تبين مدى حقده على هذا الدين وعلى هذه الأمة، ولن نجد أصدق في التعبير عن ذلك من حكم أستاذه “التلمودي” المستشرق “ماسينيون”عليه.قال الدكتور زكي مبارك: “وقف المستشرق” ماسينيون”، يوم أديت امتحان الدكتوراه فقال: “إنني أقرأ بحثاً لطه حسين أقول: هذه بضاعتنا رُدَّت إلينا” (زكي مبارك للأستاذ أنور الجندي).
وهذه أمثلة من أقواله وتصريحاته:
– “إن القرآن المكي يمتاز بالهروب من المناقشة والخلو من المنطق” تعالى الله عما يقول الملحدون علواً كبيراً.
– “ظهر تناقض كبير بين نصوص الكتب الدينية، وبين ما وصل إليه العلم”.
-“إن الفرعونية متأصلة في نفوس المصريين، وستبقى كذلك بل يجب أن تبقى وتقوى، والمصري الفرعوني قبل أن يكون عربياً، ولا يطلب من مصر أن تتخلى عن فرعونيتها، وإلا كان معنى ذلك: اهدمي يا مصر أبا الهول والأهرام، وانسي نفسك واتبعينا، ولا تطلبوا من مصر أكثر مما تستطيع أن تعطي، مصر لن تدخل في وحدة عربية سواء كانت العاصمة القاهرة أم دمشق أم بغداد، وأؤكد قول أحد الطلبة القائل: “لو وقف الدين الإسلامي حاجزاً بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه”.
-ومن ذلك أنه دعا طلاب كلية الآداب إلى اقتحام القرآن في جرأة، ونقده بوصفه كتاباً أدبياً يقال فيه: هذا حسن، وهذا (كذا)، تعالى الله عن زندقته علواً كبيراً، فقد حكى عنه (عبد الحميد سعيد) قوله: “ليس القرآن إلا كتاباً، كل الكتب الخاضعة للنقد، فيجب أن يجرى عليه ما يجرى عليها، والعلم يحتم عليكم أن تصرفوا النظر نهائياً عن قداسته التي تتصورونها، وأن تعتبروه كتاباً عادياً فتقولوا فيه كلمتكم، ويجب أن يختص كل واحد منكم بنقد شيء من هذا الكتاب، ويبين ما يأخذه عليه” (من طه حسين؟ لأنور الجندي).
– ومن ذلك قوله: “أريد أن أدرس الأدب العربي كما يدرس صاحب العلم الطبيعي علم الحيوان والنبات، ومالي أدرس الأدب لأقصر حياتي على مدح أهل السنة، وذم المعتزلة، من الذي يكلفني أن أدرس الأدب لأكون مبشراً للإسلام، أو هادماً للإلحاد”.
-ومن ذلك قوله: “علينا أن نسير سيرة الأوربيين، ونسلك طريقهم، لنكون لهم أنداداً، فنأخذ الحضارة خيرها وشرها، وحلوها ومرها، وما يُحَبُّ منها وما يكره، وما يحمد منها، وما يُعاب”.
– ومن ذلك قوله في تصوير سر إعجابه “بأندريه جيد”: “لأنه شخصية متمردة بأوسع معاني الكلمة وأدقها، متمردة على العرف الأدبي، وعلى القوانين الأخلاقية، وعلى النظام الاجتماعي، وعلى النظام السياسي، وعلى أصول الدين”، وذكر أنه يحب “أندريه جيد” ويترسم خطاه، ويصور نفسه من خلال شخصيته.
– ومن ذلك: وصفه لوحشية المستعمرين الفرنسيين وقسوتهم في معاملة المسلمين المغاربة: بأنها “معاناة ومشقة في سبيل الحضارة الفرنسية والمدنية على تلك الشعوب المتوحشة التي ترفض التقدم والاستنارة.”
-عمد طه حسين إلى إخراج كل من له رأي أو أصالة من كلية الآداب، واستبقى أعوانه الذين سار بهم إلى الطريق الذي رسمه، وأعانه على ذلك “لطفي السيد” الذي كان مديراً للجامعة، الجبهة الم وفي نفس الوقت تابعاً لخطط “طه حسين”، وخاصة في خطة إنشاء معهد “التمثيل والرقص الإيقاعي”، ودعوة الطالبات إلى الاختلاط، وتحريضهن على ذلك، ومعارضة جماعة علماء الإسلام التي حاولت أن تدعو إلى الدين والأخلاق، وهكذا تحولت الجامعة إلى مجتمع متحلل من قيود الأخلاق الإسلامية، فأقيمت حفلات رسمية في دار الأوبرا جلبت لها الراقصات المحترفات، ومن ثم عرفت حفلات الرقص والسمر في البيوت، مما قصت أخباره بعض الخريجات وغيرها، والرحلات المشتركة، وما كان يجرى في اتحاد الجامعة، ورابطة الفكر العالمي من محاضرات مادية إلحادية، ومقطوعات فرنسية على البيانو، وروايات تمثيلية تقوم على الحب والغرام.. وقد وصل الأمر إلى حد أن أحد الأساتذة الأجانب ضاق ذرعاً بذلك الفساد فكتب يقول: “إنه خليق بالجامعة أن تمثل المثل الأعلى – يعني للطلاب- لا أن تمثل فيهم دور السكير!
وكان طه حسين يرعى ذلك ويقول: “إن هذا النوع من الحياة الحديثة لن يمضي عليه وقت طويل في مصر، حتى يغير العقلية المصرية تغييراً كبيراً”. بل قال هو عن نفسه: “إنني أفكر بالفرنسية، وأكتب بالعربية” اهـ.
لقد هوجم طه حسين منذ اليوم الأول إلى اليوم الأخير، لم تتوقف حركة اليقظة عن متابعته وكشف شبهاته وتزييف آرائه، ودحر مخططه، ولكنه مع كل ذلك كان يقبض الثمن، ويكافأ بكل إصرار على خدماته لأعداء الإسلام، فلقد ظل يترقى في المناصب رغم الحملات التي شنها عليه علماء الإسلام في كافة البقاع الإسلامية، ظل يترقى في مخطط مرسوم من أستاذ إلى عميد إلى مدير جامعة إلى مستشار فني إلى وزير، وظل حتى اللحظات الأخيرة من حياته مشرفاً على اللجنة الثقافية في الجامعة العربية ورئيساً لمجمع اللغة العربية، وله نفوذه الواسع في وزارة المعارف والجامعات.
قال المستشرق “كامفاير”: “إن المحاولة الجريئة التي قام بها طه حسين ومن يشايعه في الرأي لتخليص دراسة العربية من شباك العلوم الدينية هي حركة لا يمكن تحديد آثارها على مستقبل الإسلام”.وفي تقرير خطير يصف المكر اليهودي الأمريكي لإبادة الجيل المسلم، وبصورة مكشوفة يطالب التقرير بوجوب الإفادة من آراء “طه حسين” ومؤلفاته.
فهذه لمحة خاطفة عن “طه حسين” الرجل الذي تشهد كتبه بأنه لم يكن إلا بوقاً من أبواق الغرب، وواحداً من عملائه الذين أقامهم على حراسة السجن الكبير، يروِّج لثقافاته، ويعظمها، ويؤلف قلوب العبيد ليجمعهم على عبادة جلاديهم، (ويوطد دعائم الود والتفاهم بين الحمار وراكبه، وهي دعائم تفيد الراكب دائماً، ولا تفيد الحمار.( (حصوننا مهددة من داخلها).