من يجيب على أسئلة المغاربة؟ ومن يكف عنهم استهزاء البرلماني اليساري بالقرآن؟

كثيرة هي الأسئلة التي أصبح المغاربة المتشبثين بدينهم وهويتهم يطرحونها والتي تعكس القلق الشديد الذي أصابهم خصوصا بعد أحداث 16 ماي الأليمة التي جعلت العلمانيين يصولون ويجولون ويسمون بالتكفير من يشاؤون وبالتفسيق والتبديع من يكرهون محاولين تكميم الأفواه وإرهاب النفوس والأذهان.
لذا فأغلب المغاربة يتساءلون:
– إلى أي مدى يمكن للمواطن المغربي المسلم أن يعتبر نفسه في مأمن من الغزو العلماني القذر؟
– وكيف يمكن له أن يعبر عن قناعاته الدينية في ظل الالتباس الطاغي على الكيفية التي تساس بها الشؤون الدينية؟
– هل اختُزل المذهب المالكي في السدل وأحكام الحيض والنفاس ولم تعد له صلة بفقه البيوع والمعاملات المالية والتجارية وتوضيح الحلال والحرام للناس بخصوصها؟
– وهل ما يزال لعالم الدين الحق في توجيه المواطنين وإرشادهم في نوازلهم اليومية التي لها صلة بالنظام العام؟
– وهل ما يزال الإسلام دينا ودولة أم أنه كما يقول العلمانيون هو دين روحاني لا يهتم إلا بمسائل التأله والتعبد، وأن القضايا العامة هي من اختصاص رجال السياسة؟
فإن كان كذلك، فإلى من يتوجه المسلم بالسؤال عن حكم الشرع في بعض المعاملات التجارية من بيع وشراء ورهن وقرض و….؟
ومن يسأل عن مدى موافقة أو مخالفة المذاهب الهدامة الوافدة من البلاد الأجنبية العلمانية؟
هل يسأل عنها السياسي العلماني الذي يعتبر الدين إنما جعل للمسجد ولا ينبغي أن يخرج منه أم يسأل عن ذلك العالم والفقيه؟

وزارة الأوقاف وتحديات العلمانيين
من جملة الأسئلة التي يوجهها المغاربة إلى المسؤولين عن الحقل الديني السؤالين الآتيين:
– كيف يمكن للخطيب والعالم والفقيه أن يمارس دوره في الذب عن جناب العقيدة والشريعة ويمنع عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين في ظل الإكراهات والأعباء الرسمية؟
وهل تنظيم الحقل الديني وتأهيله سيكون في اتجاه المزيد من نشر الإسلام وسيادة مفاهيمه أم أن الغرض من تأهيله هو خدمة المشروع العلماني الذي بات واضحا لكل ذي عينين أن أصحابه عاقدين العزم على تنفيذه رغم أنف الكل دون استثناء من خلال الوزارات والمؤسسات العمومية التي يديرونها من جهة، ومن خلال الدفع والضغط من الداخل والخارج في اتجاه تعديل دستوري يتم بموجبه التقليص من اختصاصات المؤسسة الملكية والحد من نفوذ إمارة المؤمنين حتى يسهل القضاء على آخر مظاهر الحكم الإسلامي بالمغرب والمتمثل في البيعة التي تربط بين المغاربة وأميرهم؟
هذين السؤالين والأسئلة السابقة وعشرات غيرها أضحت تؤرق بال المغاربة في حين نجد أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الوزارة الوحيدة التي يمكن اعتبارها المعبر عن تطلعات وآمال المغاربة، والتي بدل أن تقوم بدور الحامي لدينهم وعقيدتهم نجدها للأسف الشديد ما فتئت تنكس رأسها أمام الهجمات العلمانية على الدين وأهله بل الأنكى من ذلك أنها تعمد إلى تعنيف موظفيها وخطبائها لفائدة بعض العلمانيين النافذين.
إننا نتفهم أن الحرب على الإرهاب والهجمة الغربية الشرسة على الإسلام، يشكلان هاجسا وإحراجا للمسؤولين، مما يجعل العلمانيين يستغلون ذلك أبشع استغلال، الأمر الذي يتطلب من المسؤولين إيجاد طرق أو برامج لكبح هذا العبث العلماني بمقدساتنا، أو الدفع باتجاه سن إجراءات وعقوبات تضمن حماية الدين وشريعته من إفساد العلمانيين أو على الأقل تفعيل الفصل: الخاص بجريمة زعزعة العقيدة بشكل صارم في حقهم.
قضية خطيب قرية أبا محمد وضعف الوزارة
إن قضية خطيب قرية أبا محمد دليل على ضعف وزارة الأوقاف أمام المد العلماني الكاسح، الذي أصبح يحتل يوما بعد يوم مجال واختصاصات القيِّمين الدينيين ورجالات الحقل الديني، ويمارس الرقابة على المساجد والمعاهد. وإلا كيف يمكن أن نفهم موقفها من الإهانات التي تعرض لها خطيب قرية “أبا محمد” على يد باشا المنطقة -والتي افتخر بها البرلماني في جريدة الأسبوعية الجديدة- ، والخطيب المسكين لم يتعد أن قام بواجبه في الوعظ والإرشاد وحرص على ألا يذكر إسم ذلك البرلماني المستهزئ بالشريعة الإسلامية، بل اكتفى بتحذير الناس من مقالاته التي يستهزئ فيها بالقرآن الكريم ويلبِّس على الناس دينهم رغم كونهم وثقوا فيه لينوب عنهم، فبدل أن تقيم الوزارة الدنيا ولا تدعها تقعد، فضلت أن تزيد في إهانة الخطيب إذ فرضت على خطبه تأشيرة المجلس العلمي قبل أن يلقيها على المنبر-كما صرح بذلك وافتخر به البرلماني في جريدة الأسبوعية الجديدة-.
ونترك المسؤولين في الوزارة والقراء الكرام يتأملوا بعض كلامه في مقال تحت عنوان “عندما تكذب أمة على نفسها” وسننقله رغم طوله حتى يتبين من لا يعلم حقيقة العلمانيين مدى خطرهم على أبنائنا الذين يدرسون على أيدي الكثير منهم في المدارس والجامعات، يقول -عامله الله بعدله-:
“الكذبة الأولى: أن الإسلام هو الدين الوحيد عند الله ومن يبتغي غيره فلن يقبل منه، فإما مسلم وأنت أقرب إلى الله، وإما كافر وأنت عدو له وللإسلام.
الكذبة الرابعة: أن الإسلام دين الرحمة والرأفة، والحال أن فقهنا يقر بقتل المرتد، ورجم الزاني، وجلد السكير وشاهد الزور، وقطع يد السارق، وقطع الأرجل خلافا لمن أفسد في الأرض، والإعدام في القصاص.
الحقيقة هي أن حدود شريعتنا ليست سمحاء، إنها دموية.
وعلينا أن نعترف بذلك لأنها تشوه الإسلام، وتشوه الإنسان، وتتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان.
الكذبة الخامسة: إن كل ما حرمته علينا شريعتنا هو خير لنا، لقد حرمت علينا شريعتنا الفائدة وهي طريق الادخار، وأساس الاستثمار، كما أحلت لنا النعجة وهي لا تلد إلا خروفا واحدا في السنة، ولا يتعدى وزنه 100 كليو غرام في أحسن الأحوال، وحرمت علينا “الحلوفة” وقد تلد ما يفوق 15 “حليليف” يفوق وزن الواحد منها عند سن الرشد 200 كيلو غرام في أسوأ الأحوال، والحال أنه لحد الساعة لم يثبت العلم أن أكل لحم الخنزير مضر بالصحة.
كما تعتبر شريعتنا أن لا خير فيما حرم الله علينا كالخمر، والحال أن أساسه هو الكحول، والكحول أساسي في الطب.
وكيف أن الخمر حرم علينا في الدنيا، وتجري به الأنهار في الجنة، فكيف به يكون مفسدة في الدنيا ونعمة في الجنة.
الحقيقة : أننا محتاجون إلى اجتهادات جديدة، وجريئة، لتطاوع شريعتنا معطيات العصر، ومتطلبات التطور.
الكذبة السادسة : أن الإسلام حرر المرأة والحال أن فقهنا يسمح لنا بالزواج بمثنى وثلاث، وأربع، وبما ملكت الأيمان، وسبايا الكفار، ويضع الطلاق في عصمة الرجل، ويبيح زواج القاصرات، ويحل ضرب النساء، ويفرض عليهن الحجاب، ويحرم عليهن الإمامة، وزيارة المقابر، ويقدمهن متعة، ويعتبرهن متاعا، ومصدرا للتحرش الجنسي، وفتنة للرجل، ويحرم عليهن الزواج من غير المسلم، بل هناك من يعتبرهن ناقصات عقل ودين، وقد ذهب البعض إلى الافتراء على النبي أنه قد يكون قال “لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» … ولا فائدة في المزيد … * الحقيقة هي أننا شريعتنا أضفت على دونية المرأة طابع الشرعية وعززتها بالقداسة الدينية.
الكذبة السابعة : أن ابتعادنا عن ديننا هو مصدر شقائنا وتخلفنا، والحال أنه هو الذي ابتعد عنا ولم يعد يطاوع معطيات عصرنا، .. فعندما نعجز عن تحليل الأشياء بالعقل والمنطق نردها إلى الله، ونقول هذا هو الحل، كما أراح ضمير حكامنا واستثناهم من المحاسبة لأن وضعنا مقدر ومسطر في اللوح المحفوظ، بالقدر الذي قوى سلطة فقهائنا علينا، لأن تطور العصر يتطلب الإفتاء في سلوكاتنا حتى لا نخالف شريعتنا، بل منهم من أفتى بالجهاد، وجعل من الإرهاب نصرة للإسلام وطريقا للجنة.
الحقيقة : أن تحررنا من التخلف مرتبط بتحرر ديننا من التحجر والتزمت، وأن صلاحنا رهين بصلاح شريعتنا.
الخلاصة، والأصح نافلة القول : هي أن صلاحنا لا يكمن في صلاح أنفسنا، بل في صلاح ديننا، لأن حرية الرأي وحرية التعبير والديمقراطية آتية لا ريب فيها، فإما طوعا، وإما قصرا. فطوبى للاتحاد الأوربي الذي فرض على تركيا حذف عقوبة الزنا والإعدام، وأمرها بسن قانون يعترف بحرية اختيار الدين، وبحرية الضمير. وليس لتركيا في ذلك من اختيار إن هي أرادت الانضمام إلى الاتحاد الأوربي. وطوبى للأمريكيين الذين أقنعوا الكويتيين بأن مشاركة المرأة في السياسة هو من متين الدين، وتبا لهرقل الذي فرق بين المغرب وأوربا، لأن الاحتكاك بأوربا يولد التقدم والحرية والانتماء إلى أمة الإسلام في وضعها الحالي يولد التخلف والإرهاب.
فإذا لم تكن هذه زعزعة لعقائد المغاربة فما تكون؟
فكيف بعد هذا يمكن أن نثق بأن العلمانيين ليسوا أعداء الدين وأنهم لا يعادون إمارة المؤمنين وأنهم يريدون الإصلاح وليس الإفساد، ولهم في ادعاء الإصلاح مع الإصرار على الفساد سلف، فقديما قال فرعون: { ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ}غافر26
فليس هناك صلاح بعد إفساد الدين، والعلمانيون اليساريون هم أعداء للعلماء منذ أن وجدوا، ورحم الله الشيخ الجليل عبد الله كنون الأمين العام السابق لرابطة علماء المغرب، فقد كان لا يترك فرصة تمرُّ حتى يحذر المغاربة من سموم العلمانيين اللادينيين، وما كان أجرأه على الحق، حيث كان يصفهم على صفحات جريدة الميثاق -لسان الرابطة المذكورة- بالمرتدين والملحدين، وهذا بالتمام ما وصفهم به الخطيب المسكين.
فماذا ينفعنا تأهيل الحقل الديني إذا تركنا العلمانيين يعيثون فيه فسادا؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *