ما أن يقوم أحد الشباب المسلمين بتنفيذ عملٍ مسلحٍ ضد المصالح الغربية؛ حتى يتم وصمه بصفة الإرهاب، وتشتغل الماكينة الإعلامية الغربية فتربط الإرهاب بالإسلام، ويتحدث بعض الجهلة من العرب أو الغرب عن “الإرهاب الإسلامي”. لكن؛ لعل القليل مِن الناس هم مَن يدركون أن الإرهاب صناعة صهيوأمريكية بحتة، ولعل الباحث في هذا الأمر يجد كثيراً من الحيرة، من أين يبدأ؟ وكيف ينتهي؟ هل يتحدث عمَّا مضى؟ أم يتحدث عن الحاضر؟ يتحدث عن إبادة الهنود الحمر في أمريكا؟ أم عن تشريد الفلسطينيين من أراضيهم عامي 1948 و 1967م؟ أم يتحدث عن مذبحة بحر البقر في مصر؟ أم صبرا وشاتيلا أم مذبحة قانا في لبنان؟ أم مذبحة حمام الشط في تونس؟
باختصار؛ الحديث عن هذا الموضوع يطول ويطول ويحتاج إلى مجلدات، لأن القارئ للتاريخ الغربي وخاصة اليهودي يدرك أنه تاريخ حافل بالمذابح والمجازر والأعمال الشيطانية الإرهابية، كما أن أخطر الإرهابيين على مرِّ التاريخ هم من اليهود والنصارى مثل: كاليجولا، نيرون، بهتلر، ستالين، موسولينى، شارون وبوش الأب والابن، كارلوس، تيموثى ما كفى منفذ مذبحة أوكلاهوماسيتى، وبيريا وغيرهم.. أما عن المافيا المنظمة فحدِّث ولا حرج.
معلومٌ أن اليهودية على درجةٍ كبيرةٍ من العداء مع المسيحية، ونفس الشيء مع الإسلام، لكن إبداء وإظهار العداء بين المسيحية واليهودية يعني تحالف أحدهما مع الإسلام، وهو أمر مستحيل جداً لأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يحمل عوامل الصمود والاستمرار والبقاء، وبالتالي فهو الخطر الحقيقي على الديانات الأخرى، وهذا ما دفع المسيحية واليهودية إلى التلاقي عند قواسم مشتركة تتمثل في الصهيونية على قاعدة “عدو عدوي صديقي”، وهذا ما يفسر ظهور مصطلحات تحمل الكثير من العداء للإسلام والمسلمين كمصطلح “صدام الحضارات” أو “نهاية التاريخ”.
لقد عمل الغرب (اليهود والنصار معاً) تحت مظلة الصديق المشترك في مواجهة العدو المشترك، فقسَّموا العالم العربي والإسلامي إلى 57 دولةً، استفردوا بغالبيتها كل على حدةٍ تحت مزاعم محارب الإرهاب والإرهاب هم، احتلوا بعضها، ودمروا بعضها، وحاصروا بعضها، ونهبوا خيرات بعضها، وما زالت المؤامرات تُحاك وتطبق ضد الإسلام والمسلمين.
يقوم الغرب منذ فترة طويلة بتأسيس عناصر إرهابية في الدول الإسلامية من أجل الانتقال إلى أمكان مختلفة من بلاد الغرب وتنفيذ بعض الهجمات الإرهابية، ومن ثمَّ تجني تلك الدول ثمار العمل الإرهابي من خلال الماكينة الإعلامية الضخمة التي تمكَّنت من ترسيخ إلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين من أهل السنة على وجه التحديد.
لم يستخدم الإرهابي العربي سوى أسلحة بدائية مثل الأحزمة الناسفة، القنابل اليدوية، أو المتفجرات المصنعة غربيا، في حين يستخدم الإرهابيون الغربيون كافة أنواع الأسلحة المحرمة دولياً وإنسانياً كالسلاح النووي، والسلاح البيولوجي، والبراميل المتفجرة، وهذا يعني أن إرهاب العرب ما هو إلا رجع الصدى للإرهاب الغربي.
لقد نشرت صحيفة لوتون السويسرية باللغة الفرنسية قبل بضعة أشهر بعضاً من فضائح إرهاب الغرب، ومن خلال حوارات أجرتها الصحيفة مع المفكر الأمريكي اليهودي “نعوم تشومسكي”، كشفت عن منطق الغرب لغزو العالم ونهب ثرواته. وذكرت الصحيفة أن نعوم تشومسكي نقل عن الفيلسوف السوفييتي الأصل “أندري فيتشاك” قوله: “إن السياسة الاستعمارية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى الآن، أدت لمقتل ما بين 50 و55 مليون إنسان، بسبب حروب بدأتها الدول الغربية، أو انقلابات عسكرية صنعها الغرب، أو حروب أهلية تسبب في اندلاعها ، بالإضافة إلى مئات الملايين من الضحايا الذين تأثروا بطريق غير مباشرة وماتوا في صمت، ولفّهم النسيان”. وكأمثلة عن تاريخ الإرهاب لدى الغرب ذكرت الصحيفة نقلاً عن “تشومسكي” بعض الحقائق المفزعة:
أولاً: معسكرات التجميع لم تظهر لأول مرة في ألمانيا كما يزعم الغرب، بل سبقتها إليها الامبراطورية البريطانية، في جنوب إفريقيا، خلال حرب البورس الثانية بين 1899 و1902م.
ثانياً: الفظائع التي ارتكبها الغرب في فترة السياسات الاستعمارية الجديدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية مثلا، حيث سقط نحو 3-5 ملايين إنسان، بسبب سعي الشركات الكبرى للاستحواذ على المعادن الثمينة كمادة الكولتان المستعملة في صناعة الهواتف الجوالة والحواسيب.
ثالثاً: معاناة الشعب الكمبودي انطلقت قبل مجازر الشيوعيين بين عامي 1975 و1979 بسنوات، وذلك عندما طلب وزير الخارجية الأمريكي “هنري كيسنجر” بقصف المناطق السكنية في كمبوديا، فيما يشبه الدعوة “لارتكاب مجازر تطهير عرقي”، بهدف ثني كمبوديا عن التفكير في مساندة جارتها فيتنام في حربها ضد الاحتلال الأمريكي، وسقط ملايين البشر ضحايا القتل بدم بارد في هذه “المجزرة الاستباقية”، التي لم تتوقف إلا بعد فضحها من صحيفة نيويورك تايمز .
وتشير تقارير إعلامية صادرة عن صحف موثوقة بأن عناصر غربية يهودية أو مسيحية تابعة لجهاز الموساد الصهيوني تنتحل شخصيات مسلمة أو أعضاء في تنظيم داعش يرتدون لباس الجهاديين وتمارس بعض الأعمال الإرهابية من أجل تشويه صورة المسلمين، حيث أقدم غير المسلمين على إعدام عدد غير قليل من الصحفيين والأجانب والمواطنين المتواجدين في سوريا أو مصر، وقاموا بتصويرهم وعرض الأفلام التوثيقية بأسلوب يشير إلى مدى الدقة والمهنية في العمل الإعلامي، لدرجة أنَّ بعض الإعلاميين ربطوا تصوير المشاهد بأعمال إعلامية لمؤسسات إعلامية كبيرة يقودها أغنياء اليهود في أمريكا واستراليا وكندا وأوروبا.
ألقت السلطات الأمريكية مؤخراً القبض على شابٍ يهوديٍ أمريكيٍ يُدعى «جوشوا راين غولدبيرغ» ويبلغ من العمر 20 سنة بتهمة انتحال صفة جهادي استرالي من تنظيم داعش بالاسم الحركي «استرالي ويتنس-أي الشهيد الاسترالي».
المفاجئ في الأمر أن الشاب اليهودي ليس مسلماً ولا من أتباع أو مؤيدي تنظيم داعش، بل اتخذ هذه الصفة بهدف تحريض الشباب المسلمين على القيام بأعمال إرهابية في أستراليا والغرب، وكان يزودهم بطرق صناعة المتفجرات باستخدام المواد الملوثة والمشعة والسامة، وهذه طرق لا تتوفر بالتأكيد إلا لدى الدول أو الأطراف الدولية التي استخدمتها من قبل، فالولايات المتحدة الأمريكية مثلاً استخدمت الفسفور المنضَّب في العراق، أو دولة الاحتلال الصهيوني التي استخدمت نفس السلاح في عدوانها الإرهابي على غزة 2008-2009م، وهو ما يؤكد وقوف الموساد الصهيوني خلف هذا الأمر كما وقف خلف كثير من العمليات الإرهابية.
لم تكن هذه هي الحادثة الأولى؛ بل سبقها عشرات عمليات الاعتقال لمتطرفين صهاينة اعتقلتهم السلطات الأمريكية والأوروبية بتهمة انتحال شخصيات جهادية مسلمة وتجنيد شباب مسلمين للوقيعة بهم من أجل حملهم على القيام بأعمال إرهابية ضد الغرب كي تزداد الفجوة بين الإسلام والغرب، مع ما يتبع ذلك من وقف الهجرات إلى أوروبا وأمريكا، وتشديد الخناق وفرض قبضة حديدة على الجاليات الإسلامية المتواجدة هناك، والانحياز الكامل والمطلق لدولة الاحتلال الصهيوني وتقبُّل عملياتها الإرهابية ضد الفلسطينيين والعرب على أنها عمليات مشروعة تهدف إلى الدفاع عن النفس.
لقد لعب الغرب أكبر دور في تغذية الإرهاب والأفكار الإرهابية، وشكَّلت الولايات المتحدة رأس الإرهاب العالمي، وهو ما ينبئ بتزايد موجات الإرهاب حول العالم حسب الحاجة الغربية، مع الأخذ في الاعتبار أن جهاز الموساد الصهيوني هو الأكثر حول العالم تنفيذاً للأعمال الإرهابية.