إن القرآن وصحيح السنة هما أعظم مصادر التشريع عند المسلمين، وقد أوجب الله على المسلمين -كل المسلمين- الإيمان بما جاء فيهما من أخبار والعمل بما ورد فيهما من أحكام.
قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ” الأنفال.
وقال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ” محمد.
وقال تعالى: “وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” آل عمران.
وقال تعالى: “وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ” التغابن.
وقال تعالى: “تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ” النساء.
روى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنما مثلي ومثل ما بعثني الله به، كمثل رجل أتى قوماً فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعينيَّ، وإني أنا النذير العُريان، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا، فانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذَّبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبَّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذَّب بما جئت به من الحق”
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من رغب عن سنتي فليس منى” متفق عليه.
فاتباع النبعين الصافيين؛ القرآن والسنة، والصدور عنهما والتحاكم إليهما، هو أساس المنهج السلفي وقطب رحاه، ولا نتصور قضية خولف فيها أهل السنة وأتباع السلف من قبل غيرهم؛ إلا وكان مستندهم من القرآن والسنة، إما بدلالة المنطوق أو بدلالة المفهوم أو غيرهما من الاستنباطات وكان المخالفون لهم مجانبين للقرآن والسنة بمثل ذلك.
فالسلفيون لا يعتقدون إلا عقيدة القرآن والسنة، وعبادتهم مستمدة من القرآن والسنة، ومعاملاتهم مردها إلى القرآن والسنة، لا يحيدون عن ذلك قيد أنملة ، نبراسهم في ذلك قول الصديق الأكبر رضي الله عنه: “لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، فإني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ”.
أما غيرهم فلا تجدهم إلا مخالفين للقرآن والسنة ومختلفين فيهما :
– فقوم قدسوا العقل واتخذوه إلها وجعلوه حاكما على وحي الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد فاتهم أن العقل محدود الإدراك كما أن السمع والبصر وسائر الحواس محدودة الجدوى.
وهؤلاء هم ورثة المعتزلة وحاملو لواء فكرهم الذين ابتغوا العزة في غير وحي الله فأضلهم الله “فهم حائرون مترددون، لا تثبت لهم نظرية صحيحة مستقيمة فهم دائما في خبط وخلط وتناقض” السعدي في كتابه: المعين على تحصيل آداب العلم وأخلاق المتعلمين ص 18.
– و قوم تركوا الكتاب والسنة، وراحوا يبحثون عن سبيل العزة والسؤدد والسيادة عند الغرب؛ تركوا شخصياتهم وخصائصهم وجعلوا أنفسهم أسرى للتبعية العمياء لقوم لم يملكوا الهداية لأنفسهم فضلا عن أن يصدروها لغيرهم.. فهم يُسَبِّحون بحمد أفكار الغرب، ويقدسونها ولا يقدمون عليها رأيا ولا قولا، هيبتهم لنصوص المواثيق الدولية وتوصيات المؤتمرات الغربية لا تضاهيها هيبة، وحرصهم على نشرها لا يدانيه حرص وغيرتهم عليها لا تماثلها غيرتهم على بناتهم ونسائهم وأعراضهم..
فرأوا في أحكام الشرع الحنيف تخلفا ورجعية، وتأخرا وظلامية، فدعوا إلى ترك الحجاب والعفة والطهر وترك الطاعة والاستقامة، ليغيروها بالإباحية والتبرج والسفور والتمرد على شريعة الرب الغفور سبحانه وتعالى.
تعدد الزوجات عندهم جريمة نكراء.. أما تعدد الخليلات فحق تكفله الحريات الشخصية.
زواج الصغيرات عندهم حرام، والإفتاء بجوازه التشجيع على الشذوذ والاغتصاب و”البيدوفيليا” حلال، وإذا ما حملت بنات مدارسنا من بنات الثانية عشر وما فوقها سفاحا فالحل في دور الأطفال المتخلى عنهم.
فيا للعجب من هذا المذهب…
وتالله لا أجد لهؤلاء واعظا خيرا من قول ربنا سبحانه وتعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ، وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ، وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ”.
عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتب فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم فغضب فقال: “أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية ” رواه ابن أبى عاصم و حسنة الألباني.
– والصوفية قلدوا الشيوخ المعصومين بزعمهم، فأحلوا لهم الحرام، ونشروا فيهم البدعة، وأماتوا بينهم السنة، والله المستعان.
– الحركات الإسلامية مع كامل الأسف لا تربي أبناءها على تعظيم الوحي وأحكامه بالقدر الذي تعظم به رجال “الصحوة”، فصار المفكرون و”المنظرون الإسلاميون” يعرض كلامهم ندا لكلام الأئمة المجتهدين؛ بل أحيانا يُقدم -ويا حسرتي- على كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فإن قلت لأحدهم قال الله، قال رسوله، بادرك وهل الآية والحديث يخفيان على “الداعية” فلان و”الشيخ” فلان و”المفكر” فلان.. فمتى نستفيق؟؟؟
فملاك القول أن الله عصم أهل السنة وأتباع السلف من هذا الخبال والحمد لله ذي المنة والجلال على هذه النعم والأفضال.