السلفية طريقة قائمة على السلامة والإحكام والأعلمية فكيف توصف بالرجعية والماضوية؟!!

لا يشك من شم رائحة العلم، ونظر في نصوص القرآن والسنة وعلم حقيقة مذهب الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان أن “مذهب السلف هو المذهب المنصور والحق الثابت المأثور، وأهله هم الفرقة الناجية، والطائفة المرحومة التي بكل خير فائزة، ولكل مكرمة راجية” لوامع الأنوار 20 مختصره.

ولفظة السلف في الاصطلاح قد اختلفت أقوال أهل العلم فيها اختلاف تنوع، أظهر ذلك أن السلف هم الصحابة والتابعون وتابعوا التابعين. انظر درء التعارض 7/134، ولوامع الأنوار 1/20، والتحف في مذاهب السلف 7-8.
كما ننبه على أن السبق الزمني وحده غير كاف لتحديد مفهوم منهج السلف حتى ينضاف إلى ذلك موافقة الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة الكرام، وأعيان التابعين لهم بإحسان، ومن تبعهم من أئمة الدين ممن تلقى الناس كلامه دون من رمي ببدعة أو اشتهر بلقب غير مرضي. انظر لوامع الأنوار 1/20.
ولذا فإن منهج السلف الصالح هو المنهج القويم والطريق الواضح المبين، الذي يوافق النقل الصحيح والعقل الصريح.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: “واعلم أنه ليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية أصلا” الفتاوي 5/28.
وعليه يرفض المرء عن رضا وقناعة ما هو مسطور في كتب كثير من المتأخرين من أن مذهب السلف أسلم، ومذهب الخلف أحكم وأعلم! وهي مقولة مجانبة للصواب وقائلها إما أنه تشبع بما لم يعط، أو أنه جاهل بما عليه السلف الصالح من أدلة تورث الطمأنينة واليقين، ولذلك تخرج أصحابها إلى الجهل والتناقض والضلال المبين.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: “فكل من أعرض عن الطريقة السلفية النبوية الشرعية الإلهية فإنه لابد أن يضل ويتناقض ويبقى في الجهل المركب أو البسيط” درء التعارض 3/370.
وقال الشوكاني رحمه الله: “فهم (أي:أهل الكلام) متفقون فيما بينهم على أن طريق السلف أسلم، ولكن زعموا أن طريق الخلف أعلم، فكان غاية ما ظفروا به من هذه الأعلمية لطريق الخلف أن تمنى محققوهم وأذكياؤهم في آخر أمرهم دين العجائز..
فإن هذا ينادي بأعلى صوت، ويدل بأوضح دلالة على أن هذه الأعلمية التي طلبوها: الجهل خير منها بكثير، فما ظنك بعلم يقر صاحبه على نفسه: أن الجهل خير منه، وينتهي عند البلوغ إلى غايته، والوصول إلى نهايته أن يكون جاهلا به عاطلا عنه، ففي هذا عبرة للمعتبرين وآية بينة للناظرين” التحف في مذاهب السلف 3-4.
فكيف بعد هذا يوصف علم السلف بالسلامة فحسب! وهو قائم على الحجة واليقين، ويوصف مذهب الخلف بالإحكام والأعلمية، وهو قائم على الظن والتخمين، فإن طريق هؤلاء المتأخرين مظْنون باتفاق، فلا أحد منهم يقطع بالمعنى الذي صرفوا اللفظ إليه.
قال الحافظ في الفتح 13/352 نقلا عن غيره: “..وليس من سلك طريق الخلف واثقا بأن الذي يتأوله هو المراد ولا يمكنه القطع بصحة تأويله”.
ثم كيف نباين بين السلامة والأعلمية والإحكام؟! فإنه لا سبيل للسلامة إلا بالأمر القائم على كمال العلم وتمام الإحكام، فتأمل.
قال السفاريني رحمه الله: “إنه من المحال أن يكون الخالفون أعلم من السالفين كما يقوله بعض من لا تحقيق لديه -ممن لا يقدر قدر السلف، ولا عرف الله تعالى ولا رسوله ولا المؤمنين به حق المعرفة المأمور بها- من أن طريق السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم.
وهؤلاء إنما أوتوا من حيث ظنوا أن طريق السلف هي مجرد الإيمان بألفاظ القرآن والحديث من غير فقه ذلك بمنزلة الأميين، وأن طريقة الخلف هي استخراج النصوص المصروفة عن حقائقها بأنواع المجازات وغرائب اللغات فهذا الظن الفاسد أوجب تلك المقالة التي مضمونها نبذ الإسلام وراء الظهور، وقد كذبوا وأفكوا على طريقة السلف، وضلوا في تصويب طريقة الخلف فجمعوا بين باطلين: الجهل بطريقة السلف في الكذب عليهم، والجهل والضلال بتصويب طريقة غيرهم” لوامع الانوار 1/25.
ثم كيف يخرج علينا من خرج منحرفا عن حقائق الحصافة إلى طرائق الصحافة! فيصف السلفية بالرجعية، بل طوروا الوصف ذاته إلى الماضوية..، وهو حبس للدعوة السلفية في سجن الزمان! حيث رتبوا على ذلك نفي الانتفاع بها، وعدم الأخد بها، لاعتبارها ليست منهجا إسلاميا فاعلا، وإنما هي عندهم مرحلة زمانية مضت وانقضت!!
فهل أصحاب هذا الزعم لا يحسنون التعبير عما في مكنونات نفوسهم، فخرجوا بهذا الزعم الباطل المنكر؟!
أم أنهم يعنون ما يقولون، ويعرفون ما يكتبون، قاصدين رد الشريعة المحمدية، وعامدين إلى الطعن على الطريقة النبوية؟!
والجواب عند من تشبع بالطريقة السلفية…
فعجبا لبني علمان ثم عجبا لهم!!
فالكلام الإنشائي المنمق المجرد عن أدنى حجة معدود عندهم من البراهين والبينات!! والكلام الذي هو حجة في نفسه ككلام الله ورسوله عليه الصلاة والسلام هو عندهم ظنون وتخرصات، ويفتقر إلى النظرات والتأويلات!!

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *