“هانز بليكس” وخديعة “المنظمات الدولية”

الخبر:
أكد “هانز بليكس” رئيس فريق المفتشين الدوليين السابق في العراق ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقًا، أن الولايات المتحدة اختلقت المزاعم المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل العراقية لتبرير حربها على العراق.
التعليق:
علي صلاح

لا تزال الأكاذيب التي نسجتها الإدارة الأمريكية لتبرير غزو العراق يتم الكشف عنها يومًا بعد يوم، وبعد أن ادعى زعيم المضللين “جورج بوش” أن معلومات المخابرات بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية لم تكن دقيقة؛ في محاولة منه لإلقاء التهمة بعيدةً عن يديه الملوثتين بدماء مئات الآلاف من أطفال ونساء وشيوخ العراق، يأتي ليؤكد “هانز بليكس” رئيس فريق المفتشين الدوليين في العراق أنه تعرض للتهديد هو ومحمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة، من نائب الرئيس الأمريكي “ديك تشيني” نفسه لحملهما على إدانة العراق، وتقديم تبريرات تسوغ للولايات المتحدة غزوها.
لقد دافع بعض “المتأمركين” في المنطقة عن قرار الغزو وقتها ولا زال البعض منهم ينافح عنه بحجة خطورة نظام صدام على المنطقة لما يمتلكه من أسلحة تدميرية، وادّعوا أن واشنطن جاءت لإنقاذ العراق من الاستبداد والدكتاتورية.. فيا ترى ماذا يقولون الآن؟!
الأسباب الحقيقية

لقد صرح الرئيس العراقي جلال طالباني الموالي للاحتلال مؤخرًا لصحيفة الخليج الإماراتية بأن واشنطن جاءت للمنطقة لحماية الكيان الصهيوني الذي كان يمثل نظام صدام تهديدًا صريحًا له، كما أشار إلى حرص الولايات المتحدة على النفط وأنها استفادت جيدًا من نفط العراق بعد الغزو، واستدل بتوقيع عدد من الشركات الأمريكية لعقود نفطية مع العراق، كما لفت إلى أن أمريكا كسبت حلفاء جددًا بعد الغزو، وهو أمر مهم بالنسبة لها؛ إذن هذه هي الأسباب الحقيقية للغزو على لسان أحد أكبر الموالين لأمريكا في المنطقة الآن دون لبس أو مواربة، وهو ما تبين لعدد كبير من المحللين في وقت مبكر عقب الغزو، لكن ما تكشف عنه تصريحات “بليكس” هو ما كان يشار إليه استنباطًا من بعض المحللين دون وجود دليل مادي عليه، وهو استخدام أمريكا للمنظمات الدولية لتنفيذ أغراضها التوسعية، كما يكشف عن حجم الخداع الذي تمارسه بعض الأنظمة عندما تعول على هذه المنظمات في حل أزمات خطيرة كأزمة الشعب الفلسطيني أو أزمة دارفور أو أزمة الصومال، خصوصًا أن للولايات المتحدة أطماعًا ومصالح محددة في هذه المناطق وتسعى لتوجيه الحلول لخدمة أغراضها.
أخلاقيات القوة المعاصرة

تشن الولايات المتحدة حملة على من تسميهم “الحكام الفاسدين والأنظمة الاستبدادية” -ليس كلها بالطبع ولكن التي تختلف مع واشنطن- وهي الحملة التي شنتها على صدام في وقت سابق والآن تشنها على الرئيس السوداني عمر البشير، وتتهم أمريكا هذه الأنظمة بأنها لا تراعي الأخلاق ولا القيم الحضارية والتي يمثلها النموذج الأمريكي، ثم تسمح لنفسها بأن تهدد موظفًا دوليًا ليكتب تقريرًا يورط دولة كاملة بشعبها وثرواتها وحضارتها في حرب ضروس تأتي على الأخضر واليابس لتمتص رحيقها وتحمي مصالحها ومصالح الكيان الصهيوني المغتصب، ليس هذا فحسب بل تتجه جنوبًا مستغلة منظمة دولية أخرى هي المحكمة الجنائية لجرائم الحرب بـ”لاهاي” لتوجيه اتهامات لرئيس دولة آخر، وتريد من العالم أن يصدقها ويعطيها تفويضًا مفتوحًا لتمارس ساديتها في مكان جديد وإن لم يفعل فهو “يحمي الإرهاب”.. “الإرهاب” الذي شنت الولايات المتحدة حربًا باسمه منذ سبع سنوات ألقت على أثرها بالآلاف في غياهب المعتقلات وأذاقتهم أبشع أنواع التعذيب بأوامر مباشرة من وزير دفاعها، كما أوضح تقرير حديث للـ”كونجرس”، دون أدنى اعتبار لحق الإنسان في الدفاع عن نفسه أمام محكمة عادلة.. لقد اتضح الآن إلى أي اتجاه تريد أمريكا من العالم أن يسير فيه وما هي أدواتها في التنفيذ.. فهل سيستمر العالم العربي والإسلامي في الاستسلام لهذه الأدوات؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *