يجهل الكثير من المسلمين أن توجههم إلى الأضرحة والقيام ببعض الطقوس الممارسة هناك، أنها مخالفة لشرع الله بل قد توصل العبد إلى الشرك به سبحانه.
وإن مما يكثر تعاطيه في الأضرحة وعند قبور “الصالحين” الاستغاثة بهم وسؤالهم جلب النفع ودفع الضر، ومن الناس من يذبح لهم الذبائح، وكل هذا شرك بالله تعالى، ولبيان ذلك نسوق هذا الكلام:
1- الذبح لغير الله
الذبح هو إزهاق الروح بإراقة الدم على وجه مخصوص، وهو تارة يكون نسكا، إجلالا لله وتعظيما له، وتارة يكون لأجل إكرام ضيف أو أكل لحم أو نحو ذلك، ففي الحالة الأولى، لا يجوز أن يصرف هذا الإجلال والتعظيم إلا لله عز وجل، ومن صرفه لغير الله، فقد أشرك شركا أكبر، وصارت ذبيحته بمنزلة الميتة، أما الحالة الثانية فهي جائزة، وقد تكون مطلوبة، إلا أنه في جميع الأحوال لا يجوز ذكر اسم غير الله على الذبيحة وإلا صارت ميتة محرمة، فذكر اسم الله عز وجل شيء، والمقصود بالذبيحة شيء آخر.
فالذبح الذي يقع عبادة بأن يقصد به تعظيم المذبوح له والتذلل له والتقرب إليه، هذا لا يكون إلا لله تعالى على الوجه الذي شرعه الله تعالى، وصرفه لغير الله شرك أكبر ودليله قوله تعالى: “قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ” والنسك هو الذبح.
وبناء على ذلك نقول: إن ما يفعله بعض الناس من الذبح للقبور شرك رغبة في التقرب إلى المقبور، فهذا ما ذبح للمقبور إلا تعظيما له وإجلالا وهو شرك مخرج عن الملة، يجب على العبد الحذر من الوقوع فيه.
2- الاستعانة والاستغاثة بغير الله
ومن البدع الشركية التي يقع فيها من يرتاد الأضرحة والمواسم الاستعانة بغير الله وهي طلب العون من سواه.
والاستعانة أنواع منها:
الأول: الاستعانة بالله وهي: الاستعانة المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفايته وهذه لا تكون إلا لله تعالى ودليلها قوله تعالى: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)، وعلى هذا يكون صرف هذا النوع لغير الله تعالى شركاً مخرجاً عن الملة.
الثاني: الاستعانة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين القادرين على الإعانة فهذا شرك.
الثالث: الاستعانة بالمخلوق على أمر يقدر عليه، فهذه على حسب المستعان عليه فإن كانت على بر فهي جائزة للمستعين مشروعة للمعين، لقوله تعالى: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى”. وإن كانت على إثم فهي حرام على المستعين والمعين لقوله تعالى: “وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ”.
الرابع: الاستعانة بمخلوق حي حاضر غير قادر فهذه لغو لا طائل تحتها مثل أن يستعين بشخص ضعيف على حمل شيء ثقيل.
أما الاستغاثة فهي طلب الغوث وهو الإنقاذ من الشدة والهلاك، وأقسامها مثل أقسام الاستعانة.
3- سؤال المقبورين
الدعاء هو العبادة، فمن أراد دفع ضر أو جلب نفع فليسأل الله سبحانه وتعالى، لأن سؤال ما لا يقدر عليه إلا الله سؤال الرزق والولد والنصر والتأييد.. لا يكون إلا من الله تعالى، قال الله عز وجل: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ”، وقال سبحانه: “وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ”.
فمن يذهب للأضرحة من أجل سؤالهم وهم أموات لا يقدرون على بذل شيء فقد أشرك بالله، وهو شرك أشد من شرك الأولين، الذين قالوا: “مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى”.
وهناك أفعال وممارسات تقام عند الأضرحة لا تخرج عن حكم الشرك أو البدعة أو المحرم، وكل ذلك يجب على العبد اجتنابه، ولا يتم ذلك إلا بتعلم الفرق بين التوحيد والشرك، وازدياد التعلق بالله تعالى.