“راح نكبر ونشيلك من أرضك يا أمريكا” هكذا عبر أحد الأطفال السوريين وهو يجهش بالبكاء ويصف الظلم الصهيوني الواقع على إخوته في غزة، ويكذب حقيقة الشرعية الدولية التي تحمل خطاياها حاضنة الكيان الصهيوني، أمريكا..
أطفالنا ليسوا كأطفالهم، أطفالنا يُقتَّلون يُذبَّحون، تُهدم المنازل فوق رؤوسهم، يُرشُّون بوابل الرصاص، ويُقذَفون بالقنابل، ويُقصَفون بالصواريخ، وتُذَاب براءتهم بمادة الفسفور الأبيض، وبالنيران تُحرَق أجسادهم، وبأعتى الأسلحة تمزَّق أشلاؤهم..
أطفالنا يُقْتلون بلا عدد، وبناتنا تُزهق أرواحهم فلا من يبكيهم، فآباؤهم وأمهاتهم هم من واجهوا الصواريخ بأجسادهم لصدِّها عن صغارهم، لكن كان الغدر أقوى من عزيمتهم..
أطفالنا وبناتنا يُتِّموا، فبكوا وبكوا وبكوا حتى جفت دموعهم، فلا من يسمع بكاءهم، ولا من يبصر نحيبهم، ولا من يطبب جراحاتهم، فالأهل ماتوا، والعالم يرى ولا من مجيب..
أطفالنا يشمون الغازات السامة، ويشربون المياه الحارة، ويأكلون فتات موائد العالم..، يفترشون الأرض ويلتحفون البرد، ينامون تحت أزيز الطائرات، ودوي القنابل، وطقطقة الرصاص، وزمجرة الانفجارات..
أطفالنا هدمت بيوتهم، ودمرت مدارسهم، وقذفت مستشفياتهم، وحرقت لعبهم، وكسرت مهودهم، وكثرت قبورهم..
أطفالنا حرموا بسمتهم، واغتيلت طفولتهم، وسرقوا براءتهم..
صار ضحكهم بكاء، ولعبهم هروبا من التفجيرات، وأحلامهم أن لا يفقدوا آباءهم وأمهاتهم، وألوانهم بين الأسود والأحمر، فعندهم ماتت الألوان وعلى رأسها الأخضر..
أطفالنا كجميلة التي فقدت رجليها، ولم تغادر البسمة محياها..
أطفالنا كـلؤي الذي طمست عيناه، ولم تخمد عزيمته وشجاعته وقواه..
أطفالنا كمحمد الذي أخذ العهد على نفسه وهو بالمستشفى أن يرجع ليحرر المسجد الأقصى..
أطفالنا هن الأخوات الخمس اللواتي متن في حضن أبيهم وأمهم، والأخوات الثلاث اللواتي رماهن العدو بالرصاص فما نجت منهن إلا واحدة..
ومن أطفالنا تلك الفتاة التي قتلت أمامها أمها وأخواتها الأربع وابن أخيها، وأعمامها وزوجاتهم وأبناؤهم، ودمرت أرضها وبيتها فلا مأوى لها إلا الله، وتقول بقلب موقن بالنصر: “نحن صامدون رغم إجرام اليهود، نحن لن نسمح بأرضنا ولو عاد اليهود”، ولسان حالها يقول: “نحن أهل الحق، وعدونا على الباطل، ولن يهزم الباطل حقا”..
أطفالنا هم الذين يحكون المأساة التي عاشوها بعين المشاهد وجسد المشارك، حكيا يهز الضمير الحي، ويعكر صفو الراحة والأمن..
يصفون المأساة وصفا أعظم تأثيرا، لأنهم خطباء المأساة، وضحايا الهمجية الصهيونية-الصليبية..
ورغم كل تلك الصور من المعاناة والظلم وتنوع ألوان العقاب البدني والنفسي، يحيى أطفالنا لأنهم رضعوا من أثداء أمهاتهم حليب الصمود والغيرة على العقيدة..
رضعوا حليب الثبات والعزيمة وتحقيق النصر..
رضعوا حليب القوة والكبرياء والعزة..
لذلك لما كبرت منهم فئة قليلة ومستضعفة، أبانت عن صمود وثبات الشجعان، وعزة وكبرياء الأبطال، وبذل وتضحيات الزمن الأول..
أبناؤنا يقرؤون دروس الصمود والثبات تحت قصف العدو، ويحفظون آيات الجهاد والعزة والكرامة فوق نيران الآلة الصهيونية الصليبية..
وسيقرؤون كلمات النصر ليسمعوا العالم أنهم يحملون رسالة تدعو للانعتاق من التبعية لإمبريالية الشرك إلى جنة التوحيد، لذلك نسمعهم وهم وهن صغار يرددون شعار النصر “حسبنا الله ونعم الوكيل”..
أطفالنا لن تهزم عزمهم الآلة العسكرية الصهيونية، ولن تثنيهم عن تحقيق نصرهم الموعود من رب السماوات والأرض الترسانة النووية لعبدة الصليب..
أطفالنا لا يخشون تجبر العدو ولا يضعفهم هوان الأمة عليه، لأنهم موقنون بحديث الغردق، وبأن النصر محقق..
أطفالنا يعلمون أن الشرعية الدولية كاذبة، وأن المنتظم الدولي أغلبه عدو لدينهم وأوطانهم، وأن أمريكا حامية المشروع الصهيوني، لذا رفعوا نداء الكبرياء متحدين وحشيتها “راح نكبر ونشيلك من أرضك يا أمريكا”..