تعرف سوق الخمور في المغرب إنتاجا وبيعا رواجا كبيرا، للإقبال المتزايد عليه من طرف المغاربة المسلمين رغم أن القانون المغربي يجرم بيعها لهم، والأمر في ذلك راجع إلى عدة أسباب، منها:
– انتشار بيع الخمور في الأسواق الكبيرة، والمطاعم والفنادق..
– توسع زراعة العنب المخصصة للخمر (12 ألف هكتار)، وإنتاج الخمور في المغرب (قرابة 40 مليون لتر سنويا)..
– منح رخص البيع، 414 نقطة بيع في ربوع المملكة..
– عدم اتخاذ التدابير الزاجرة في حق متعاطي الخمور..
– عدم احترام القانون الذي لا يخول إلا للأجانب اقتناء الخمر..
– السماح بإشهار إعلانات ماركات الخمور..
– وأهمها ضعف التوعية الدينية بخطورة تعاطيها على المنابر وفي المواعظ..
كل هذه العوامل كان لها دور في انتشار تعاطي شرب الخمور، في ظل انعدام قانون وضعي يوافق الشريعة الإسلامية في تحريم الخمر التي سماها الشرع بأم الخبائث، لما تجره على الفرد والمجتمع من المشاكل الاجتماعية والصحية والأمنية..، يقول ربنا جل في علاه محذرا عباده: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ”، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة من المساهمين في إنتاجها وترويجها واستهلاكها لبيان أنها تعود بالإثم على عدد كبير من الناس، وقال عليه الصلاة والسلام: “كل مسكر خمر وكل خمر حرام”، ولا يجادل في خطر تعاطيها على الدين والصحة والعقل إلا مدمن لا يفارق كأسها!!
وفي سبيل إبطال حكمها الشرعي يدافع الكثير عن تعاطي بيعها وشربها بحجة ما تساهم فيه من توفير عدد من مناصب الشغل ومن توفير عائدات مادية على ميزانية الدولة وتشجيع على السياحة الغربية، ضاربين بعرض الحائط حقيقة الكوارث التي يخلفها هذا المشروب الخبيث من تدمير لحياة الكثير، وتشجيع على ارتكاب الجرائم، ورفع عدد حوادث السير (فقد أفاد تقريرٌ حول حوادث السير بالمغرب أن المسبب الثاني للحوادث هو تناول الخمور أثناء قيادة السيارات)، وتفتيت الأسر ليتولد عن ذلك ظواهر اجتماعية أكثر تعقيدا..، وهو ما يكلف ميزانية الدولة الأموال الطائلة، تفوق بكثير مداخيل تلك الاعتبارات التي يدافع بسببها العلمانيون والماديون على الحفاظ على بيع وإشهار الخمور.
وفي سبيل التقليل من حجم تجارة الخمر طرح مقترح على البرلمان المغربي مفاده منع نشر إعلانات الخمور، وهو ما ولد ردود فعل تستنكر هذا المقترح بحجة أن هذه الإعلانات لا تنشر إلا في الصحافة الفرنسية وفي وسائل الإعلام الفرنكفونية وهذا أمر لا ضرر فيه حسب وزير الداخلية (كما جاء في مجلة لأن قراءها يشكلون نخبة قليلة هي التي تستهلك الخمر في المغرب دائما حسب الوزير..
وهذه حجة غير مقبولة لأن حتى الفئة التي تقرأ بالفرنسية ينبغي الحفاظ عليها من التشجيع على تعاطي الخمور، فالمغرب بلد إسلامي، والإسلام يحرم على كل المسلمين شرب ولو قليل خمر، ولا يقال كما ذكر أحدهم أن تعاطي الخمر يدخل في إطار الحرية الفردية لأن الواجب على الدولة الحفاظ على الأمن الروحي والصحي لكل المسلمين المغاربة.
والسؤال المطروح إذا كانت كل من كندا وفرنسا وهما دولتان لا تجرمان تعاطي الخمر منعتا مثل هذا الإشهار، فلماذا يبيحه المغرب رغم أن قانونه الوضعي يجرم شربه؟
والجواب نتلمسه في رد كل من لا يمانع (خصوصا من المسئولين) في أن تكون عندنا فئة من الفرانكفونيين الذين يشربون الخمر، وهم يعلمون أن غالب الإنتاج الوطني للخمور يقدم للمغاربة وغالبهم لا يقرأ الفرنسية، بل فقط يعلمون أن الدولة ترخص لشرب الخمر في الحانات والعلب الليلية والمطاعم والفنادق وتباع في الأسواق ليفرغوا في جوفهم أكثر من 30 مليون لتر من أم الخبائث كل سنة..