حقائق مرعبة عن أخطار تتهدد المسجد الأقصى

“إسرائيل تقوم بممارسة تطهير عرقي في القدس”، هكذا اتهمت السلطة الفلسطينية دولة الاحتلال في ضوء مخططاتها الأخيرة الرامية إلى هدم المنازل العتيقة في حي البستان في سلوان.

بينما يذهب الباحث الصهيوني المعروف “ميرون بنفنستي” أبعد وأعمق من ذلك حينما يكشف لنا المشهد المقدسي في “هآرتس” وما يحلم به الصهاينة قائلاً: “في هذا المشهد الذي تكشّف أمام ناظريهم، بحثوا عن بقايا لا تزال موجودة من حلمهم، ورويداً رويداً رسموا لأنفسهم خريطة جديدة، غطت المشهد المهدد، ولكن لم يكن هذا مجرد خريطة من الورق والأوهام، فقد أصروا على أن يصمموا الواقع، المشهد المادي، وفقاً لرؤياهم وأحلامهم، فقد حطموا المشهد الفلسطيني وبنوا مكانه مشهدهم الخاص، حيث تشكل الأسطورة العتيقة مبرراً وذريعة”.
ونقرأ أيضاً أخطر عناوين المشهد المقدسي على امتداد عام 2008 واستمراراً إلى الراهن من عام 2009 كما يلي: الاحتلال يعمل على اختطاف المدينة المقدسة، ويعمل على إخراجها من كل الحسابات الفلسطينية والعربية والإسلامية والدولية…!
إن الكيان الصهيوني يسابق الزمن، ويشن هجوم شاملاً لتفريغ القدس من أهلها، فالقدس باتت بين أفكاك العزل والتفريغ والتهويد والجدران العنصرية، والهجوم الصهيوني على القدس والمقدسات يرتدي طابعاً تزييفياً تفريغياً تهويدياً شاملاً.
فمخطط العملية الكبرى لإحكام الطوق على المدينة هو حزام من الأحياء الاستيطانية الصهيونية الصغيرة تهدف إلى السيطرة على المسجد الأقصى، فـ”جمهورية العاد” الاستيطانية تقوم بشراء العقارات عن طريق “العقود المزيفة” وتغزو البيوت وتنفذ الحفريات في البلدة القديمة من القدس وتسعى للسيطرة على منازل فلسطينية في “الحوض المقدس”، الذي يضم سلوان والطور والشيخ جراح في القدس، بهدف خلق واقع لا عودة عنه في الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة، إضافة إلى مخطط تهديم حي البستان لإقامة الحي الاستيطاني في سلوان، علما أن الهدم يستهدف بيوتاً شيدت قبل 200 عام، وتعتبر هذه أوسع عملية ترحيل لعائلات مقدسية منذ 1967م.
ففي تسعينيّات القرن الماضي، طرحت بلديّة الاحتلال في القدس مشروع تهويد المنطقة التي يُسمّيها الاحتلال “الحوض المقدّس” وهي تشمل البلدة القديمة بكاملها وأجزاءً واسعة من الأحياء والضواحي المحيطة بها، ويتضمّن مشروع التهويد هذا وفق تقرير لمؤسسة القدس الدولية:
1- إنشاء مدينةٍ أثريّة مطابقةٍ للوصف التوراتيّ “لأورشليم المقدّسة” أسفل المسجد الأقصى وفي ضاحية سلوان وأجزاءٍ من الحيّ الإسلاميّ في البلدة القديمة، وربط هذه المدينة بمجموعةٍ من الحدائق والمنتزهات والمتاحف والمواقع الأثريّة المقامة فوق الأرض في محيط البلدة القديمة، وخصوصاً في جنوبها حيث ضاحية سلوان وفي شرقها حيث جبل الزيتون وضاحية الطور.
2- إحلال السكّان اليهود مكان سكّان المنطقة العرب الفلسطينيّين، بدءاً من المدينة القديمة ووصولاً إلى أحياء وادي الجوز والشيخ جراح والطور وسلوان وراس العمود.
إن ما يجري على أرض المدينة المقدسة، ليس نزوة ليكودية أو عمالية أو كاديمية صهيونية، وإنما هو تطبيق مكثف وخطير للمشروع الاستيطاني التهويدي في فلسطين، وإن الذي يجري هناك على أرض قدسنا ومقدساتنا مخطط مبيت مع سبق الإصرار، يهدف إلى تهويد المدينة وضمها وابتلاعها بالكامل.
فإذا كانت فلسطين من وجهة نظرهم هي “أرض الميعاد” واليهود “شعب الله المختار”، فإن القدس في أدبياتهم كما يزعمون “مركز تلك الأرض” وهي “مدينة وعاصمة الآباء والأجداد”، وهي “مدينة يهودية بالكامل”، وذلك على الرغم من أن أبرز وأشهر علماء الآثار الصهاينة نفوا أن يكون الهيكل الثالث قد بني وهدم في موقع تحت الأقصى أو قريباً منه.
فالصهاينة وكما هي طبيعتهم يواصلون تزييف الحقائق وتزوير التاريخ، والادعاء بلا توقف بأن القدس -أورشليم- كانت وستبقى قلب الشعب اليهودي وعاصمته إلى أبد الآبدين.
ولعل أهم وأخطر التصريحات التي تلقي الضوء على الخلفيات الدينية اليهودية للقدس تلك التي جاءت على لسان أحد أبرز حاخاماتهم وهو “آفي أيتام” زعيم حزب المفدال سابقاً حينما قال: “ليس فقط لن نوافق بأي شكل على تقسيم القدس مرة أخرى، وإنما أن القدس الآخذة بالتوسع حتى بوابات دمشق هي رمز الوحدة الشاملة لهذه البلاد”.
فما دامت مثل هذه الخلفيات الدينية الصهيونية تقف وراء سياسات دولة الاحتلال في قضية القدس، فإنه من الطبيعي أن نرى ونتابع خططاً ومشاريع وإجراءات استيطانية تهويدية مسعورة على امتداد مساحة القدس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *