بعض الناس إذا ذكر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يبادر بالاحتجاج بأمثال شعبية من قبيل “كل شاة كتعلق من كراعها”، و”ما دير خير ما يطرى باس”، و”كلها كيدفن باه كيف بغا”.. وبعضهم يستدل بآيات قرآنية يضعها في غير موضعها كقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ”، وقوله تعالى: “كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ” المدثر، وقوله تعالى: “وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى” الأنعام، وغيرها من الآيات، وكلها استدلالات تخالف شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام نص عليها القرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع الأمة.
وفي السنة وأقاويل الصحابة والتابعين وأهل العلم ما يصحح هذا الفهم الخاطئ، فقد روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن قيس قال: خطبنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقال: إنكم تقرؤون هذه الآية وتتأولونها على غير تأويلها “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ” وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : “إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده”.
قال العلامة عبد الله كنون: “..بعض الناس يقولون: المهم هو أن تستقيم أنت ولا عليك في الغير، ويستدلون بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ” وهذا هو ما يعبر عنه بعضهم بقوله ليكنس كل واحد فناء داره كي تعم النظافة، ولكننا انتظرنا كثيرا فكانت النتيجة هي أن هناك من يحمل الأزبال ويضعها في الأفنية المكنوسة، ولقد أثيرت هذه الشبه في الصدر الأول، وأجاب عنها الصديق رضي الله عنه بالحديث الذي أخرجه الترمذي وغيره من أئمة السنة عن قيس بن حازم قال قام أبو بكر خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ” وإنكم تضعونها في غير موضعها، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه”. (مقال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للعلامة عبد الله كنون مجلة دعوة الحق).
إن قيام كل فرد من أفراد المجتمع بما يجب عليه من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل بحسبه، كفيل بأن يحفظ المجتمع من الفساد والانحلال، وأن يعود على الفرد والمجتمع بالخير والنفع في الدنيا والآخرة.