لماذا اخترنا الملف؟
لقد كان المغرب واضحا مع إسبانيا لما أكد لها حقيقة الأزمة، وأن استقبال الانفصالي إبراهيم غالي ليس هو المشكل فقط بل المشكل الأكبر هو موقف الإسبان من مغربية الصحراء.
المغرب يعرف جيدا أن إسبانيا هي من خلقت مشكل الصحراء وهي من يجب أن تحله، هي من تدعم جبهة “البوليساريو” من المال العمومي للشعب الإسباني، إذن هي من لها المصلحة في استمرار حرمان المغرب من نصفه الثاني: الصحراء المغربية.
كل هذا يحيلنا على ظروف تحرير مدن الصحراء من الاستعمار الاسباني وصولا للسبعينات وظروف المسيرة الخضراء. إن الممحص في هذه الفترة التاريخية سيجد أن خيوط اللعبة الاسبانية لفصل المغرب عن صحراءه قد بدأت بخلق جماعة تدّعي تمثيلية الصحراويين في الكورتيس الإسباني (البرلمان) في محاولة لعزل الصحراويين عن وطنهم الأم: المغرب.
بعد ذلك سنجد أن إسبانيا تدعم ما يسمى زورا دويلةً للشعب الصحراوي في أقاليمنا الصحراوية وحشد الدعم الدولي لهذه الدويلة الزائفة. وهي الدويلة التي لا تمثل حتى قيادتها، خاصة أن كل الصحراويين يعرفون أنه خلال نونبر ودجنبر من سنة 1975، طلبت البوليساريو من العديد من السكان الصحراويين، الحضور لتجمع بكلتة زمور، وعندما حضروا طلب منهم عقد تجمع آخر ببئر الحلو. وبعد ذلك، طلب منهم الحضور لتندوف من أجل الإيقاع بهم في الشرك، ومحاصرتهم ثم منعهم نهائيا من الخروج، وما زالوا محاصرين هناك إلى يومنا هذا، ممنوعين من التجول، ومراقبين ليل نهار، خوفا من عودتهم إلى وطنهم المغرب.
إسبانيا حتى بعد تسليمها للصحراء المغربية استمرت في لعب أدوار استعمارية قذرة عبر الدعم المتواصل لعناصر البوليساريو الانفصالية وهو السلوك الذي لا يقوم به المغرب مع اتفصاليي كتالونيا، لأن المغرب لا يؤمن بتاتا بخلق دويلات وتفتيت المفتت في كل مناطق العالم. للأسف استمرت إسبانيا في هذا الدعم عبر نسيج من المجتمع المدني الذي يدعي زورا مساعدة الصحراويين في تندوف وهو في الحقيقة يقدم لهم رشوة واضحة لخلق النعرات للمغرب ومنعه من استكماله لوحدته الترابية.
لكن التساؤل الذي سيطرح بعد هذا السرد التاريخي للعلاقة المتوترة لإسبانيا بمغربية الصحراء هو: ما مصلحة إسبانيا في عرقلة استكمال المغرب لوحدته الترابية؟
الجواب بكل بساطة هو أن إسبانيا مازالت تستعمر أقدم مدينتين مستعمرتين في تاريخ العالم، مدينتي سبتة ومليلية. إضافة لاستعمارها للجزر الجعفرية وعدد كبير من الجزر المغربية في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. طبيعي أن المغرب في مسار استكمال وحدته الترابية بعد الانتهاء من ملف الصحراء سيحرر شماله أيضا، عبر مطالبته للسلطات الإسبانية بإرجاع سبتة ومليلية المحتلتين وباقي الجزر.
وبالفعل المغرب لن يتخلى عن حبة تراب من حدوده التاريخية، وهو لم ينتظر أصلا حتى ننتهي من ملف الصحراء ليطالب بتحرير سبتة ومليلية وباقي الجزر المغربية، بل انطلق زخمه الدبلوماسي ومارس ضغطه لكي تفهم إسبانيا أن مغرب الأمس ليس هو مغرب اليوم، وتفتح هذا الملف للنقاش.
عبد الصمد إيشن