الحرب المعلنة من طرف الصحافة العلمانية على الثوابت الوطنية جريدة “الأحداث المغربية” مثالا نبيل غزال

جميل جدا أن يسعى الإنسان إلى الذود عما يحفظ بقاءه ويضمن استمراره؛ وأجمل من ذلك أن يحافظ على الأسس والثوابت المشكّلة لهوية الأمة وعقيدتها وذوقها وسلوكها؛ لأن المس بها يعني مباشرة انحرافا في العقيدة واختلالا في النظام وتسيبا خطيرا في مجال السلوك والأخلاق. 

وبالنظر إلى مكانة الثوابت وأهميتها فلا تستطيع فئة أو جماعة رفضها أو التنكر لها علنا حتى وإن خالفتها جملة وتفصيلا؛ باستثناء العلمانيين ودعاة الحداثة خاصة المقيمين منهم في الغرب؛ فهؤلاء لا يسلكون مسلك التقية والنفاق بل يهاجمون الثوابت الدينية للمسلمين بعنف شديد؛ ويصفونها بالجمود والرجعية والبدونة..
لكن ورغم التحفظ الكبير لكثير من العلمانيين المقيمين بين أظهرنا ومحاولتهم التظاهر بمظهر المحافظ على الثوابت والمدافع عنها؛ يأبى الحق جل في علاه إلا أن يكشفهم ويخرج مكنون صدورهم.
فمن منا لا يتذكر مقال البرلماني الاشتراكي السابق بقرية با محمد الذي نشرته جريدة “الأحداث” في عددها رقم 2648 تحت عنوان “عندما تكذب أمة على نفسها”؛ ذلك المقال الذي أتى على الثوابت الدينية من القواعد ولم يبق على شيء منها؛ وعد مسوِّده من الكذبات التي تكذبها أمتنا الإسلامية ما يلي:
“الكذبة الأولى: أن الإسلام هو الدين الوحيد عند الله ومن يبتغي غيره فلن يقبل منه..
الكذبة الثانية: أننا خير أمة أخرجت للناس..
الكذبة الثالثة: أن الغرب يعادينا من أجل ديننا، وأننا نعيش حربا صليبية ثانية..
الكذبة الرابعة: أن الإسلام دين الرحمة والرأفة..
الكذبة الخامسة: إن كل ما حرمته علينا شريعتنا هو خير لنا..
الكذبة السادسة: أن الإسلام حرر المرأة..
الكذبة السابعة: أن ابتعادنا عن ديننا هو مصدر شقائنا وتخلفنا، والحال أنه هو الذي ابتعد عنا ولم يعد يطاوع معطيات عصرنا، لأنه توقف في عهد ابن تيمية، وتوقف معه كل اجتهاد وعطل أفضل عضو في جسدنا وهو العقل، وأضاف إلى ذلك بث ثقافة الاتكالية في تفكيرنا، فعندما نعجز عن تحليل الأشياء بالعقل والمنطق نردها إلى الله..”.
وقد دأبت جريدة الأحداث دوما على التأسي بملاحدة الغرب ومتعلمني الشرق، من خلال نشر مقالات العلمانيين المتطرفين من أمثال “القمني” و”العفيف الأخضر” و”سلمان رشدي” و”أركون” و”نصر حامد أبي زيد”، و”شاكر النابلسي” و”الماغوظ” وغيرهم ممن لا تفتأ جريدة الأحداث عن نشر سمومهم وتمرير نظرياتهم المعادية للإسلام وأصوله وثوابته داخل مجتمعنا.
ثم ألم تمدح الأحداث الاحتلال البريطاني والفرنسي لبلاد المسلمين وأثنت على ما قام به من محاربة لشريعة الإسلام وتثبيت للعلمانية في البلاد الإسلامية بقولها: “العلمانية العربية لم تفشل، بل على العكس من ذلك فمنذ مطلع القرن العشرين وبفضل الاستعمار البريطاني والفرنسي للمنطقة العربية تم تبني العلمانية الاقتصادية أو البنوك الربوية وفصل الدين عن الاقتصاد، وكذلك بفضل هذين الاستعمارين تم تبني العلمانية في السياسة فوضعت الدساتير وأجريت الانتخابات التشريعية والانتخابات الرئاسية بدل البيعة بين أهل الحل والعقد كما هو في الموروث السياسي الديني، وتم جزئيا فصل الدين عن الدولة ولم يبق من الدين في الدولة والدستور غير نص (دين الدولة الإسلام) وهو نص غبيٌّ لا يعني شيئا وقد وضع ترضية للمؤسسات الدينية” (ع:2265).
ألم تعمد يومية الأحداث إلى التنقيص من رموز الإسلام وأعلامه، كالإمام المفسر القرطبي المالكي رحمه الله من خلال مقال “فجور فقيه ومالكيون بغير مالك” ومقال آخر نالت فيه من أمير المومنين في علم الحديث الإمام البخاري أسمته: “البخاري كان بينه وبين الحق حجاب”.
وإن كنا ننسى فلا ننسى أبدا موقفها المخزي من القضية الفلسطينية والأحداث التي شهدها قطاع غزة؛ فقد نشرت في (ع: 3634) وشعب غزة يئن تحت وطأة القصف الصهيوني الغاشم مقالا للعلماني المتأمرك شاكر النابلسي قال فيه: “..نحن -شئنا أم أبينا، رضينا أم رفضنا- لا نستطيع أن نبتَّ في أمرٍ من أمورنا السياسية المعقدة، دون الاتفاق والتنسيق مع الغرب. فهو الأقوى، وهو الأعلى، وهو أرباب هذه الأرض، بما يملك من مؤسسات سياسية، وعلمية، وصناعية، واقتصادية، وثقافية، وعسكرية”، “ففي إسرائيل صحافة حرة، وأحزاب حرة، ورأي عام حر، وقضاء حر، ومؤسسات سياسية دستورية لمحاكمة المسئولين السياسيين والعسكريين”.
أما على صعيد السلوك والأخلاق فحدث ولا حرج عن آلاف الصور الخليعة التي تنشرها الجريدة وملحق “من القلب إلى القلب” الذي تنشر فيه القصص الغرامية والجنسية، وقصص الخيانات الزوجية، وعناوين من قبيل: “كيف يمكنني الوصول إليها”؛ “أحب رجلا متزوجا”؛ “إلى مالكة قلبي وروحي”.. ناهيك عن أخبار ومغامرات مشاهير الفن، وتقديمهن كقدوات للمرأة المغربية (ع: 3215)، وآخرها صور لطيفة أحرار التي أبت الجريدة إلى أن تنشر صورتها عارية على الصفحة الأولى لمجلتها الأسبوعية وعلى إشهار المجلة في اليومية أيضا؛ وصورة الممثلة الكردية التي تعرت بالكامل -وأنا أعني ما أقول-.
والمحاربة الشرسة لشعيرة الحجاب وجحد فرضيتها كمقال العلمانية الحاقدة -التي تبيح الصلاة للحائض والمتبرجة وتطالب بصلاة المرأة مع الرجل جنبا إلى جنب في صف واحد- اليمنية إلهام مانع (ع:2637)، ومقال “مثلث برمودا الفكري: نقاب، حجاب، وجلباب” (ع:2843)، ومقال: “بنص القرآن الحجاب والنقاب ليسا من الإسلام في شيء” (ع:3917).
هذا غيض من فيض مما تعمل جريدة الأحداث يوميا على نشره بين صفوف المغاربة المسلمين، سموم تحقن في جسد الأمة غايتها النيل من العقيدة السنية والأحكام الشرعية ومنظومة القيم والأخلاق الإسلامية.
فمن كان هذا حاله فلا يحق له البتة الكلام عن الثوابت ولا عن الإسلام الوسطي ولا عن التطرف ولا عن الأصولية ولا عن الوهابية.. لأن ما يروج له وما هو غارق فيه أشد وأفظع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *