بناء على أن الأصل في العبادات المنع والتوقف، يشترط فيها الاتباع ولا يجوز الابتداع وحتى يكون الاتباع صحيحاً لا بد أن يكون العمل موافقاً للشريعة في أمور ستة وهي:
الأول: السبب فإذا تعبد الإنسان لله عبادة مقرونة بسبب ليس شرعياً فهي بدعة مردودة على صاحبها.
مثال ذلك أن بعض الناس يحيي ليلة السابع والعشرين من رجب بحجة أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم فالتهجد عبادة ولكن لما قرن بهذا السبب كان بدعة لأنه بنى هذه العبادة على سبب لم يثبت شرعاً، وهذا الوصف -موافقة العبادة للشريعة في السبب- أمر مهم يتبين به ابتداع كثير مما يظن أنه من السنة وليس من السنة.
الثاني: الجنس فلا بد أن تكون العبادة موافقة للشرع في جنسها فلو تعبد إنسان لله بعبادة لم يشرع جنسها فهي غير مقبولة مثال ذلك أن يضحي رجل بفرس فلا تصح أضحيته، لأنه خالف الشريعة في الجنس، فالأضاحي لا تكون إلا من بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم.
الثالث: القَدْر فلو أراد إنسان أن يزيد صلاة على أنها فريضة فنقول: هذه بدعة غير مقبولة لأنها مخالفة للشرع في القدر ومن باب أولى لو أن الإنسان صلى الظهر مثلاً فصلى خمساً فإن صلاته لا تصح بالاتفاق.
الرابع: الكيفية فلو أن رجلاً توضأ فبدأ بغسل رجليه ثم مسح رأسه ثم غسل يديه ثم وجهه فنقول: وضوؤه باطل لأنه مخالف للشرع في الكيفية.
الخامس: الزمان فلو أن رجلاً ضحى في أول أيام ذي الحجة فلا تقبل الأضحية لمخالفة الشرع في الزمان.
السادس: المكان فلو أن رجلاً اعتكف في غير مسجد فإن اعتكافه لا يصح وذلك لأن الاعتكاف لا يكون إلا في المساجد، ولو قالت امرأة أريد أن أعتكف في مصلى البيت فلا يصح اعتكافها لمخالفة الشرع في المكان.
ومن الأمثلة لو أن رجلاً أراد أن يطوف فوجد المطاف قد ضاق ووجد ما حوله قد ضاق فصار يطوف من وراء المسجد فلا يصح طوافه لأن مكان الطواف البيت، قال الله تعالى لإبراهيم الخليل: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (الإبداع في كمال الشرع ص:20-23).