لماذا الإصرار على الاختلاط في مدارسنا؟ الحسن بن الحسين العسال

لماذا يعضون على الاختلاط بالنواجذ؟ 

هل الاختلاط حافز على التعلم؟
هل يجعل أذهان الجنسين أكثر صفاء؟
وهل يجعل الغريزة الجنسية تخبو وتتهذب؟
إن دعاة الاختلاط لا يهتدون بعقولهم أو علومهم، أو حتى بمنطق الأشياء، وإنما تسوقهم شهواتهم ونفوسهم الأمارة بالسوء، تقودهم غرائزهم، فتنغلق بذلك أذهانهم؛ إنهم يدعون للاختلاط لحاجة بهيمية في أنفسهم يقضونها.
يقول أستاذ الفلسفة الفرنسي المتوفى سنة 1894م جيل لانيو: “إذا رأى شخص شخصا من الجنس الآخر فإن طاقته الإلهية تدفعه للتفاعل والتحرك”. إلى أين؟ هل في اتجاه الفكر أم في اتجاه الوجدان؟ ولا أخال الجواب يخفى على أغبى الأغبياء!
وقال الطبيب الأمريكي ألكسيس كاريل في كتابه “الإنسان ذلك المجهول”: “عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان تُفرز نوعاً من المادة التي تتسرب بالدم إلى دماغه وتخدره، فلا يعود قادراً على التفكير الصافي”.
وهذا ما أكد عليه الرئيس الأمريكي جون كينيدي في عام 1962م حين صرح بأن مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية في خطر، لأن شبابها مائع منحل غارق في الشهوات لا يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، بدليل أن من بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غير صالحين لأن الشهوات التي غرقوا فيها أفسدت لياقتهم الطبية والنفسية.
وفي عام 2003 أعلنت إدارة بوش الصغير -تشجيعا لمشروع الفصل بين الجنسين في المدارس- عن إصدار مشروع في السجل الفدرالي يقوم من خلاله وزير التربية باقتراح تعديلات تهدف إلى توفير هامش مبادرة أوسع للمربين من أجل إقامة صفوف ومدارس غير مختلطة. وسيقوم البيت الأبيض بمنح المدارس الابتدائية والثانوية التي تود الفصل بين الجنسين تمويلا يفوق المدارس التي ستختار الإبقاء على النظام المختلط.
وإذا كانت آثار الاختلاط المدمرة بين المراهقين واليافعين واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فهذا لا يعني أن البالغين من الجنسين يشذون عنها، وعلى سبيل المثال لا الحصر نسرد فضيحة كلينتون مع مونيكا لوينسكي، وفضيحة وزير الصناعة في إنجلترا مع أمينة سره، وفضيحة الوزيرة الفرنسية من أصل مغربي مع مجهول، وفضيحة رئيس الكيان الإرهابي السابق موشيه قصاب بتهم التحرش الجنسي، والفضائح بين المشاهير، فضلا عن المغمورين يعرفها القاصي والداني، وهي الدليل القاطع على أن الاختلاط يثير الغرائز ويؤججها. وصدق الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حين قال: “لا يخلونّ أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم”.
ومن يقف بجانب الإعداديات والثانويات يرى أن المراهقين والمراهقات وقد خرجوا في أحسن زينة، وأبهى حلة، متوسلين بالكلمات المعسولة، والتغنج في الكلام، والانكسار في الحركات، ليثير بعضهم بعضا؛ وهذا كله سببه الاختلاط. يقول الشاعر:
خَدَعُـوهَـا بِقَـوْلِهِـمْ حَسْنـاءُ — والغَـوَانِي يَـغُـرَّهُـنَّ الـثَّنَـاءُ
أَتُـرَاهَا تَنَـاسَـتِ اسْمِـيَ لَمَّـا — كَثُـرَتْ فِـي غَرامِهَـا الأسماءُ
إنْ رَأتْنِي تَمِيـلُ عَنَّي، كَأنْ لَـمْ — تَـكُ بَيْنِـي وَبَيْنِهَـا أشْـيــاءُ
نَظْـرَةٌ، فَـابْتِسَـامَةٌ، فَسَـلامُ — فَكَـلامٌ، فَـمَـوْعِـدٌ، فَلِقَـاءُ
إلى أن قال
فاتَّقُوا الله في قُلوبِ العَذَارَى — فالعَذارَى قُلوبُهن هــَواءُ

وفي بريطانيا قامت مدرسة “شنفيلد” الثانوية في مقاطعة “إيسكس” بتنظيم فصول تضم طلاباً من جنس واحد منذ عام 1994م، وكانت النتيجة حدوث تحسُّن متواصل في نتائج الاختبارات لدى الجنسين.
وفي السياق نفسه أكدت خبيرة التربية الألمانية كارلوس شوستر أن توحُّد نوع الجنس، يؤدي إلى استعلاء روح المنافسة بين التلاميذ، أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع.
وفي الأردن قامت الباحثة فاطمة محمد رجاء مناصرة بدراسة أثر مشكلة الاختلاط على تعليم الفتاة المسلمة في الجامعات الأردنية، فكانت النتيجة أن 77% من الطلاب والطالبات يعتبرون الاختلاط في الدراسة مشكلة.
ولنهمس في آذان دعاة الاختلاط الذين هم أنفسهم دعاة للاختلاف، بأن يحذوا على الأقل حذو “الجمعية الأوربية لتعليم الجنس الواحد”EASSE والتي من أهداف إنشائها:
– حماية وتعزيز حقوق ومصالح المراكز التربوية والأسر التي اختارت أو ترغب في التعليم المختلف [الجنس الواحد].
– الدراسة والبحث حول التعليم غير المختلط.
– تنظيم تظاهرات وتوزيع منشورات قصد تبادل المعارف حول التعليم غير المختلط.
– إحداث شبكات وملتقيات للتبادل التربوي، والخبرات الأسرية وغيرها لصالح التعليم غير المختلط.

شبهة والرد عليها
من الشبه التي يستند إليها دعاة الاختلاط لإضفاء الشرعية على دعواهم: “الاختلاط في الطواف”.
إلا أن هذه الشبهة تتهاوى عندما يعلمون أن الأصل في الطواف، طواف النساء من وراء الرجال كما كان الأمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.. أي الأقرب إلى البيت هم الرجال، ثم النساء خلفهم.
فما يحدث اليوم خلاف الأصل.. ومع كونه خلاف الأصل.. إلا أن الطواف على هذا النحو المحدث، بالرغم من خطئه، لا يقارن بما يدعو إليه دعاة الاختلاط.. لأنه قياس مع وجود الفارق! فكيف يقارن اختلاط محدود، في وقت محدود، وظروف استثنائية، مع اختلاط دائم، في جميع الأوقات، وفي ظروف عادية!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *