ظاهرة أطفال الشوارع ظاهرة عالمية

تعتبر ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر العالمية التي تفاقمت في الفترة الأخيرة بشكل كبير وملفت للنظر، وقد اهتمت بها جل الدول التي تكثر وتنشط فيها الظاهرة لما قد ينتج عنها من مشاكل كثيرة تؤثر في حرمان شريحة كبيرة من هؤلاء الأطفال من إشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية. وقد أولت الأمم المتحدة -لغاية تريدها- اهتماماً بالغاً بهذه القضية مما أعطاها بُعداً دولياً أكثر في التركيز عليها.
أثبتت الإحصاءات العالمية أن هناك من 100 – 150 مليون طفل يهيمون في الشوارع، وفي إحصائية صدرت عن المجلس العربي للطفولة والتنمية (عن حجم هذه الظاهرة في العالم العربي) بينت أن عددهم يتراوح ما بين 7-10 ملايين طفل عربي في الشارع.
وتتفق الدراسات الحديثة عن أسباب هذه الظاهرة مع دراسات سابقة، حيث بَيَّنت أن الفقر وارتفاع عدد أفراد الأسرة مع عدم القدرة على التأطير والتربية، وضعف التعليم، وغياب الدور المؤثر للأب في الأسرة، وافتراق الأسرة بسبب الطلاق، تمثل الأسباب الرئيسية لانتشار ظاهرة أطفال في الشوارع.
إن هذه الظاهرة لا يكاد يخلو منها مجتمع أيًّا كان مستواه، في حين تختلف نسبتها من مجتمعٍ إلى آخر، حتى إنها داخل المجتمع الواحد نفسه تختلف من مكانٍ إلى آخر، فقد تزيد في مكان وتقل في آخر، وهذه الظاهرة لها أسباب عدة منها الفقر والبطالة والتفكك الأسري وغياب الوعي وجهل الأسرة بعملية التنشئة السليمة للأطفال بالإضافة إلى الحروب وغياب الأمن داخل البلد وعدم الاستقرار وانتشار الأمراض.
وأطفال الشوارع غالبًا ما يعيشون حياتهم عن طريق التسول أو السرقة أو التجول في الشوارع والطرقات وعند إشارات المرور لبيع ما معهم من سلع، مثل المناديل الورقية أو بعض لوازم السيارات أو ما شابه ذلك، أو يعيشون على بعض الأعمال البسيطة التي يقومون بها مثل تنظيف زجاج السيارات أو تلميع الأحذية للمارة، وغير ذلك من الأعمال الأخرى البسيطة، معتمدين بالأساس على مظهرهم الخارجي الذي يدعو إلى الشفقة.

وينحدر غالبية الأطفال المتسولين من أسر بسيطة جدًّا أو تكاد تكون معدمة تتميز بكثرة عدد أفرادها، ويعيش غالبية هؤلاء الأطفال في بيوت بسيطة تتكون في معظم الأحيان من غرفة واحدة، ويدرس الغالبية منهم في المرحلة الابتدائية، ثم يتركون الدراسة بعد ذلك ليقضوا أكثر من خمس ساعات في التسول خارج المنزل وبتشجيع من أمهاتهم وآبائهم.
هذا عن نسبة الظاهرة عالميًّا، أما عن نسبتها في كل دولة على حدة، فأكد تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية (WHO) أن ظاهرة عمالة الأطفال قد سجلت ارتفاعًا كبيرًا، وصل إلى أكثر من 100 مليون، موزعين بين دول أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا؛ أي دول العالم الثالث أو النامي وبالذات في الدول الأكثر فقرًا في العالم.
وقد جاءت الهند على رأس الدول التي تنتشر فيها هذه الظاهرة، فتضم ما يقرب من 100 مليون من أطفال الشوارع والأحداث، ينتشرون في المدن الكبرى، وتعد المكسيك والأرجنتين نموذجين صارخين لهذه الظاهرة بأمريكا اللاتينية.
أما في الوطن العربي فقد بلغ حجم هذه الظاهرة ما بين 7 و10 ملايين طفل، ففي الأردن بلغ عدد الأطفال المشردين الذين تمَّ القبض عليهم يوميًّا في أواخر التسعينيات 537 طفل، أما سوريا فتؤكد الإحصاءات أنه يتم القبض على 20 طفلاً يوميًّا، ويتمركز معظم هؤلاء المشردين في الساحات العامة ومواقف السيارات والشوارع الرئيسة.
أما بالمغرب فتُقدّر إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط عدد الأطفال المشردين الذين تطلق عليهم “الأطفال المتخلَّى عنهم” بنحو 400.000 طفل.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *