أعراض المس النفسية والجسمية والروحية

يستطيع الشيطان أن يمس الإنسان بحيث يجعله يتخبط، والتخبط المطلق هو: التخبط في الحركة، فلا يستطيع الإنسان التحكم في سيره، فيسير وكأنه يترنح من دوار ودوخة، ويحس كأن الأرض تميد به، أو يفقد القدرة على تقدير الخطوة المتزنة لقدميه، أو حساب المسافة الصحيحة.

..فالتخبط ما هو إلا فقدان الإدراك الصحيح من الإنسان، لأي شيء يهم به أو يفكر به، وبديهي أن هذه علامات الجنون. (الطبيب المسلم وأخلاقيات المهنة).
وننقل هنا كلاماً للدكتور ياسر عبد القوي من كتابه “الأمراض النفسية”، -وهو كتاب يعرض حقيقة الأمراض النفسية وكيفية معالجتها- قال:
“للمسّ أعراضه وآثاره التي تميزه وإن كانت تتشابه مع بعض الأعراض النفسية، وأحياناً يكون التشابه شديداً وأهل الخبرة والدراية فقط هم الذين يستطيعون التفريق بينهما، ولهذا يجب الحيطة والحذر الشديدين في التعامل مع الأعراض لإعطاء التشخيص الصحيح، وهذه الأعراض كثيرة، فمنها النفسية والجسمانية والروحية.
أولاً: الأعراض النفسية
1- نوبة الصرع: ويصف هذا العرَض المحيطون بالمصروع، ويتميز صرع الجن بالآتي:
أ- أسباب نوبة الصرع: هناك أمور تساعد على ظهور هذه النوبة، مثل ضغط نفسي أو حزن شديد أو صدمة عصبية أو بسبب سماع القرآن الكريم أو ذكر الله أو درس من دروس العلم، أو الحديث عن أحوال الجن وعالمهم، أو شم بعض الروائح التي يحبونها كالبخور مثلاً، وأحياناً لا يكون بسبب واضح.
ب- فقد وعي: إما أن يكون تاماً أو غير تام مصاحباً برعشة وارتجاف واختلاط الأعضاء أولاً، ولكنه غالباً لا يكون معه عضة لسان أو تبول لا إرادي، وهذا ما يفرقه غالباً عن الصرع العصبي.
ج- نطق أو تكلم أثناء النوبة: قد يحدث نطق بصوت مختلف أو بطريقة مختلفة أثناء النوبة وغالباً ما يكون بطريقة مفهومة، وأحياناً لا يكون صوت كلام وإنما بكاء وصراخ.
د- رسم المخ (تخطيط المخ) يكون سليماً، ولهذا فإن هذا الصرع يشبه إلى حد بعيد الصرع الهستيري لا الصرع العصبي.
هـ- قراءة القرآن على المريض أثناء النوبة قد تساعد على إفاقته على غير العادة.
2- تسلط الوساوس على المريض بصورة مكثفة: وهي الوساوس التي تصده عن الذكر والعبادة، أو تأمره بمعصية، أو تهيجه إلى إثم، أو تنفره من أهل الخير ومن أهله وزوجه، وهذه الوساوس غالباً يعبر عنها المريض أنها صادرة من نفسه أو من صوت في صدره.
3- الحزن والعصبية وانقباض الصدر في فترات كثيرة أثناء اليوم دون سبب واضح.
4- العصبية الشديدة والاستثارة لأتفه الأسباب والتفوه بكلام لا يتذكره المريض بعد هدوئه، وهذا مصداق قول النبي في الحديث الصحيح لما نصح رجلاً غاضباً بأن يقول كلمة تذهب عنه ما يجد “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”.
5- الشرود الذهني المتكرر والذي يستغرق فترة ليست بالقصيرة من اليوم، فدائماً يشكو المريض بالمس من الشرود والتفكير في لا شيء، وربما يمكث الممسوس ساعة من الزمن شارداً حتى لا يشعر أنه قضى هذه الساعة وكأنه لم يعشها.
6- النسيان لبعض الأحداث أثناء فترة تعبه، سواء أكانت أفعالاً أم أقوالاً، ولا يتذكرها تماماً وربما يستنكرها ويستغربها وقد فعلها.
7- الخوف والهلع كثيراً ما ينتاب الممسوس: حالات خوف أو أحياناً هلع بين الحين والآخر وقد تستمر ولا سيما ليلاً، وكثيراً ما يكون الخوف شديداً يمنع من الحياة الطبيعية وكذا النوم الطبيعي.
8- الأرق: كثيراً ما ينتاب الممسوس إما في بداية النوم وإما في منتصف الليل.
9- الفزع: أثناء النوم والأحلام المزعجة (الكوابيس) يشكو كثير من الممسوسين منها، وأنها توقظهم من النوم.
10- صدود المرأة عن الزواج وكذا الرجل: كثيراً ما تتعرض الممسوسة للصدود في مواضيع الخطبة والزواج دون أسباب ظاهرية.
11- إيثار الجلوس في الحمامات لمدة طويلة: هذا العرَض يظهر في كثير من الممسوسين وهو ميل إلى الجلوس في الحمامات والخرابات وأماكن النجاسات.
ثانياً: أعراض جسمانية
1- الصداع: فهو مصاحب لمعظم حالات المس وهو شديد، ولا يتأثر بالأدوية المسكنة، وكثيراً ما يرتبط بتعرض المريض للحزن أو الغضب أو عند قراءة القرآن وسماعه له، أو لعدم تنفيذ رغباته، ولا يكون للصداع ما يفسره من الأسباب العضوية.
2- آلام الظهر: آلام مؤخر الظهر مشتهرة عند الممسوسين وهي لا تعزى لأسباب عضوية.
3- آلام متفرقة: في الجسد ومتنقلة، ولا تعزى لأسباب عضوية وغالباً تزداد عند الاستيقاظ.
4- النزيف: والذي يعزى إلى الاستحاضة والتي كما فسرها النبي إنها ركضة من ركضات الشيطان وليست حيضاً.
5- آلام المعدة: أحياناً يشتكي منها الممسوس دون سبب عضوي ودائماً تكون في منطقة فم المعدة وأحياناً انتفاخ البطن.
6- تنميل في بعض الأعضاء (اليدين والقدمين وأحياناً الرأس واللسان).
7- فقدان وظيفة بعض الأعضاء مثل (الشلل، العمى، الخرس، الصمم)، وهذا الفقدان الوظيفي ليس له سبب عضوي على الإطلاق والأطباء يؤكدون أن العضو سليم تماماً.
8- آلام الجماع الجنسي وتقلص العضلات: هذه الأعراض تظهر من الممسوسة كنوع من أنواع إبعاد الجني الصارع لزوجها عنها.
ثالثاً: أعراض روحية:
ونقصد بها المتعلقة بجانب العبادة والصلة بالله تعالى:
1- الصدود عن ذكر الله وعن الصلاة وعن قراءة القرآن أو سماعه، وعن مجلس العلم وغيره.
2- الشعور بالتعب وحصول بعض الأعراض النفسية والجسدية إذا حاول الممسوس المواظبة على الذكر أو الصلاة أو قراءة القرآن أو سماعه.
3- الإعراض عن الطاعة والإقبال على المعاصي المتمثلة في التبرج والسفور وسماع الغناء والموسيقى وطاعة الهوى وحب اللهو والبعد عن المساجد والتعب إذا جلس فيها والشعور بالضيق عند الوجود فيها.
4- تغير في السلوك، وهذا دائماً من جانب الزوج مع زوجته والزوجة مع زوجها، حيث قد يحدث النفور وإذكاء جمرة الخلافات بينهما على أتفه الأسباب، وكثيراً ما يحدث تغير في السلوك الجنسي بين الزوجين (نفور، إعراض، تعب أثناء ممارستها).
5- أفكار خبيثة واهتزاز عقيدة: دائماً يشكو منها الممسوس متمثلة في التشاؤم وتوقع المكروه دائماً وعدم الرضا بأقدار الله وسرعة اليأس والقنوط من رحمة الله، وأفكار تبثُّ الحزن في نفس المريض وتبعد عنه حسن الظن بالله أو الأمل في رحمته.
6- خمول وكسل تجاه العبادات كالصلاة والذهاب إلى المساجد، وقراءة الأذكار وغيرها، وأحياناً كثرة النوم بالنهار والليل.
هذه جملة من الأعراض العامة التي قد تحدد صرع الأرواح الخبيثة، وما جاءت هذه البنود إلا نتيجة للدراسة المتأنية المتبصرة لواقع المرضى، ولمن يعاني بمثل هذا النوع من المرض، وهذه الخلاصة لا تعني مطلقاً تنحية الأمراض النفسية جانباً، بل على العكس من ذلك تماماً، فلا بد من الاهتمام بكلي النوعين الأمراض الروحية والأمراض النفسية حتى تتحقق المصلحة العامة للمسلمين.
ناهيك عن أمر مهم جداً لا بد من الإشارة إليه وهو أنه لا يجوز مطلقاً القياس من قبل المرضى وتحديد معاناتهم بناء على قراءة مثل تلك الأعراض، فلا بد من عرض الحالة المرضية أولاً على المعالج الحاذق المتمرس المتخصص في مثل هذا النوع من الأمراض، ليستطيع أن يقف على الداء ومن ثم يصف الدواء النافع بإذن الله تعالى، وإلا فلا بد من تحويل الحالة إلى الطبيب النفسي المسلم المتمرس الحاذق الذي يملك الخبرة والدراية لمعرفة المعاناة النفسية للمريض ومن ثم يتخذ الإجراءات الطبية الخاصة في المتابعة والعلاج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *