قبل أيام قليلة انتهى مهرجان “البولفار” للموسيقى الصاخبة، موسيقى “الراب” و”الهارد ميتال” و”الهارد روك” والإيقاعات الصاخبة، مهرجانات الأشكال الموسيقية الشبابية الجديدة التي تدخل في إطار موجة التجديد عند الشباب المتأثر بالواقع الغربي وتغيراته، وقد سبق ذلك موجة “الهيب هوب” بالنسبة للملابس، حيث صار الشارع الشبابي المغربي يعرف ظهور شباب وشابات يلبسون سراويل فضفاضة ويضعون في آذانهم أقراطا كبيرة ويتبنون تقليعات شعر غريبة، يتقزز الناظر إليها..
بل هذه المجموعات الموسيقية الجديدة صارت حاضرة في المهرجانات الكبرى، وصار يحتفى بها في الصحافة، في الجرائد والمجلات، وتنقل أغانيها الإذاعات الوطنية، بل انتقلت من المجال المقروء والمسموع إلى المجال المرئي، فالقناة الثانية قد خصصت لها حلقات في برنامج “كوميديا شو”، والأولى في برنامج “الأولى شو”، هذا البرنامج وذاك مليئين بالاستهتار بقيم المجتمع ودينه، وحتى بالذوق السليم، يستضيفان ضيوفا غريبي المظهر، وجمهور مراهق مقطوع الصلة بتاريخه ودينه يتناغم مع تلك الموسيقى الصاخبة، في لقطات مستفزة..، كما تتبع قناتنا الثانية مسار العديد من هذه الفرق وتغطي حضورها في المهرجانات الموسيقية التي كثرت على التراب الوطني بشكل يجعل اللبيب يتساءل: هل هذا الإنجاز (تكثير المهرجانات) هو المقصود من تطوير مردودية خطة التنمية البشرية؟ أم هو زيادة تفريغ للمجتمع المغربي من قيمه، وإشغاله بالموسيقى والفن السابع، والتراث الشعبي والصوفي..؟
وبالرغم من الانتكاسة في الذوق، وفضاضة الكلمات، وصخب الموسيقى، وغرابة الشكل واللباس، والحركات والرقص المبتذل، يعتبر هؤلاء الشباب أن هذه الموسيقى والأغاني تعتبر نوعا من أنواع التعبير عن الواقع الذي يعيشونه، وهو نوع من التمرد على النسق العام الذي ينتمي له الكل بدافع التميز، وكذلك خدمة إيديولوجيات دول غربية تريد استمرار هيمنة فكرها على الساحة المغربية..
وللدعاية تجد الكثير من الأقلام والشخصيات العلمانية تؤيد هذا الطرح، وتلزم معارضيه بضرورة قبول هؤلاء الشباب وأشكال موسيقاهم، ومحاولة فهمهم، وهو ما يعتبر نوعا من الخنوع للواقع، والتعايش مع كل جديد مهما شذ، بحجة تطور المجتمع، وحرية الأفراد في اختياراتهم، وهو ما تؤيده المنظمات الحقوقية..
غير أن الناظر بعين الموضوعية يجد أن الداعمين لذلك الطرح لا يقدمون أية مشاريع تخدم الشباب من الناحية العلمية والاجتماعية والاقتصادية، ومع ذلك يتم هذا التأييد من أجل الإمعان في تتفيه الشباب، ودعم مشروع العلمنة الذي يجعل من تحقيق المتعة واللذة هدفه من الحياة.
إنه يجب علينا حماية الشباب المغربي من تلك الصيحات والأشكال السلوكية الشاذة التي تجعله يضيع في غمارها بين المخدرات والزنا والشذوذ ويذهل عن خدمة بلده قصد إحراز التقدم والرقي، ويجعله يعيش حياة العبث والاتكالية والمجون، والتلبس بالسلوكيات المنحرفة من جنس ومخدرات..
إننا في حاجة لشبابنا كي يسير في ركب التقدم مع أمته، لا أن نسفه أحلامه بالسياسات العدمية التي تسد الأفق، وفي المقابل نفتح له المجال ليغرف من قيم الغرب الفاسدة، حتى نشغله عن المطالبة بحقه في المشاركة في السير بعجلة مشروع التنمية البشرية، ونفقده قيمه الدينية وأخلاقه وآدابه الإسلامية، التي لن يتقدم بالتخلي عنها مهما تشبه بالغرب!!