سب الرب ولعن الدين وقذف الوالدين ظواهر خـَفَّت على الألسن وهانت على الأنفس محمد برعيش الصفريوي

ما أن يمر المرء ببعض الإعداديات أو الثانويات أو الشوارع العامة أو بمجموعة من الشباب التي تتجاذب أطراف الحديث أو تلعب كرة القدم أو غير ذلك إلا وقرعت آذانه عبارات سب الدين والملة وقذف الوالدين، أما إن نشب الشجار وغلى الدم في العروق، فأول عبارة يتفوه بها الشاب هي سب الإله عز وجل، محاولا بذلك إظهار قوته وشجاعته وجرأته، مما ينبئ عن فساد في الاعتقاد وتردّ في الأخلاق ودناءة في النفس وقلة حياء وخوف من الله عز وجل.

علما أن النطق بمثل هذه العبارات قد يودي بدين المسلم ويذهب به أدراج الرياح، ويعرضه إلى الخروج من دين الإسلام رأسا، وموقف الدين تجاه التلفظ بمثل هذه العبارات واضح وحاسم، ولعلماء مذهبنا المالكي الأفذاذ عبارات شديدة في ذلك.
قال ابن عبد البر رحمه الله في الاستذكار (2/150): “قال إسحاق وقد أجمع المسلمون أن من سب الله عز وجل أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئا مما أنزل الله تعالى أو قتل نبيا من أنبياء الله تعالى أنه كافر بذلك وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله”.
وقال القرافي في الذخيرة (3/460): “..وإن سب الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأنبياء عليهم السلام قتل حدا ولا تسقطه التوبة، فإن إظهار ذلك منه يدل على سوء باطنه فيكون كالزنديق لا تعلم توبته”.
وفي شرح الخرشي لمختصر خليل في ذكر المكفرات: “..ذكر أن سب الله تعالى كسب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أي: صريحه كصريحه، ومحتمله كمحتمله، فيقتل في الصريح، ويؤدب في المحتمل سواء كان الساب ذميا، أو مسلما إلا أن في استتابة المسلم خلافا”.
فموقف أئمة المذهب المالكي وغيرهم ممن سب الله تعالى أو الدين، أو استهزأ بشعيرة من شعائر الإسلام أو بحامليها واضح لا يحتاج إلى تعليق.
لكن في زمن بعد الناس فيه عن أحكام الشريعة السمحاء، وأصبح الإعلام الهدام هو من يتكفل برعاية وتنشئة الشباب وفق المبادئ الغربية التي تتنافى مع ديننا وهويتنا وخصوصيتنا، فنُسِّي الشباب دينهم، وزيفت الحقائق في أعينهم، فطفت على سطح مجتمعنا العديد من السلوكات الشاذة والمخالفة، بل المناقضة لديننا الحنيف، وأصبح الفحش وبذاءة اللسان هو شعار الشاب الذي يعيش زمانه، ووسيلة من وسائل الدفاع عن النفس، وقد انسحب هذا الخلق الذميم ليشمل حتى الفتيات أيضا.
فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلام قد نهى عن سب الديك بقوله صلى الله عليه وسلام: “لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة” صحيح الجامع، وسب الريح بقوله “لا تسبوا الريح فإنها من روح الله وسلوا الله خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وتعوذوا بالله من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به” صحيح الجامع 7317، وقال: “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي” صحيح الجامع 5381، فكيف بمن يسب رب الديك ورب الريح خالق الكون الكبير المتعال.
فشريف النفس وكريم الخلق لا يجاري أصحاب البذاءة والسفاهة في سفاهتهم ودنو أخلاقهم، بل يصون عقيدته ويحفظ مروءته ويمسك لسانه عن فضول الكلام فضلا عن السب والشتم، ودون ذلك التعرض للذات العلية بالسب أو بالسخرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *