لماذا اخترنا الملف؟

منذ فجر الإسلام والسهام تصوب إلى نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم ورسالته ومحكمات عقيدته، وشريعته وخلافته ورمز دولته، تبذل في هذا السبيل الجهود الهائلة، وتنفق الأموال الطائلة، وتجرد الحملات الصليبية الثمانية عبر قرنين من الزمان (489-690هـ)، تؤازرها الموجة التترية الوثنية العاتية -بدعوة صليبية حاقدة-، وتتبعها هجمة بربرية على الحضارة الإسلامية الأندلسية، فحقبة الاستعمار انتقصت الوطن الإسلامي من أطرافه الأسيوية، ثم أردفت بحملة فرنسية (1213هـ/1798م) إلى قلب الوطن الإسلامي والمنطقة العربية.
وتميز الغزو الاستخرابي (الاستعمار) الحديث في هذه المرة بغزو فكري صاحب احتلال البلاد ونهب الثروات، ثم آل الأمر بالحرب العالمية الثانية (1364هـ/1945م) إلى غزوة غربية حديثة تجلب بخيلها ورَجلها، وتقتل بقَضِّها وقَضِيضِها، وتغري بغواية التغريب للعقل، والاحتلال الفكري للشرق بتبعية في الثقافة، بل وتنصير في الدين، ويقدم هذا مغلفا بغلاف العولمة لتبرر وتكرس هيمنة الغرب المحتل على العالم بأسره.
ثم إن التاريخ يشهد أن تلك التحديات الصليبية والموجات الاستخرابية قد تكرست عل أرض الإسلام، حتى تحول الشرق المسلم إلى مقبرة لموجات وإمبراطوريات الغزاة الغربيين.
والمسلمون اليوم يقفون في وجه حملة غربية عالمية، تهتك كل حرمة، وتحارب كل فضيلة، تقدم الإسلام لشعوبها على أنه الخطر المقبل الذي سيهلك الحرث والنسل، ويدمر منجزات الحضارة الحديثة، ويغرق البشرية في طوفان من الدماء والأشلاء.
وفي سبيل المواجهة تستباح ما تفتقت عنه قريحة الشيطان من بغي وإجرام، وتنتهك حرمة رسل الله عامة، وحرمة نبينا خاصة، وتتناقل أحاديث الإفك الظالم وأخبار البهتان الظاهر، وتروج مقالات الحقد الصليبي الصهيوني الأعمى.
لقد شهدت السنوات القليلة الماضية هجمة متنامية على شخص النبي صلى الله عليه وسلم، تجسدت في نشر رسوم دنمركية مسيئة، تبع ذلك تجاوب نرويجي ففرنسي فسويدي فأسباني فأرجنتيني، وتوقف القطار المندفع في الفاتيكان ليدلي كبير أهل مِلتهم بدلوه في الإساءة والتهجم، ثم تعود الدنمرك مؤخرا لتبث شريط فيديو مصور فيه إساءة جديدة للنبي صلى الله عليه وسلم، ويصرح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بأننا “لا يمكن أن نقبل في بلادنا نساء سجينات خلف سياج (المنقبات) ومعزولات عن أي حياة اجتماعية ومحرومات من الكرامة، هذه ليست الرؤية التي تتبناها الجمهورية الفرنسية بالنسبة لكرامة المرأة”.
إن الأمر يستوجب وقفة متأنية مع هذه المستجدات ومحاولة فهمها وتجميع عناصرها السابقة والمعاصرة وربطها في محاولة لإدراك الظاهرة حتى يجري التفاعل والتعامل معا بشكل صحيح.
إننا لا نبالغ إذا قلنا أنه ما من شيء في الإسلام إلا وتعرض للطعن والتجريح، ابتداءا من أركان الإسلام الخمسة ومرورا بالقرآن الكريم وشخص النبي عليه الصلاة والسلام إلى الهجوم الحاد على الشريعة، وتسفيه تعاليمها ومقاصدها.
وإذا كان ذلك حظ الإسلام كدين، فإن حظوظ المسلمين لم يكن أفضل، حيث تعرضوا لحملة شرسة استهدفت اغتيالهم معنوياً، والتي نجحت إلى حد كبير في استغفال بعض الغربيين وتصوير الإسلام والمسلمين لديهم كعقيدة إرهابية دموية، الأمر الذي أدى إلى تكرار وقوع حوادث الاعتداء عليهم وعلى بيوت المهاجرين المسلمين على نحو لافت للنظر، رصدته المؤسسات الإسلامية المعنية وفضحته.
لقد أصبح التطاول على الإسلام أسرع وأقصر الطرق إلى الشهرة وكسب العيش في الغرب، رغم أن هؤلاء الذين أصبحوا فجأة من كبار المفكرين الأحرار والمناضلين المغاوير، كانوا قبيل هذا التطاول ضمن المغمورين من متوسطي الكفاءة العلمية.
ولتسليط الضوء حول هذه الحملة الغربية الشرسة على الإسلام وأحكامه ورموزه، وبيان جملة من أقوال دهاقنة الغرب في هذا المجال، ولإبراز أيضا سبل المدافعة والمواجهة الناجعة لصد هذا العدوان ارتأت جريدة السبيل فتح هذا الملف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *