وجوب التمسك بشعائر الإسلام والعناية بها وتعظيمها

لقد حض الله سبحانه وتعالى على تعظيم شعائره وبين ذلك في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، حيث قال سبحانه: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبٌِ” (الحج).

قال القرطبي رحمه الله: شعائر الإسلام أعلام دينه.. وأضاف تعالى التقوى إلى القلوب؛ لأن حقيقة التقوى في القلب، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “التقوى ههنا” وأشار إلى صدره، فالمتقون يعظمون طاعة الله وأمره فيدفعهم ذلك إلى طاعته، ويعظمون كذلك ما نهى الله عنه فيدفعهم ذلك عن معصيته، وعكس ذلك الاستهانة بالأوامر فلا يؤديها، وبالنواهي فيقع فيها.
فشعائر الله تبارك وتعالى لا يعظمها إلا من عظم الله واتقاه وعرفه وقدره حق قدره، وهذا أمرٌ لا خلاف فيه بين المسلمين.
وقد فسر بعض العلماء شعائر الله بأنها أوامره وفرائضه، ومعنى ذلك: أن كل ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما تعبدنا الله تبارك وتعالى به فهو من شعائره، فيدخل في ذلك الشعائر الظاهرة والباطنة؛ ويدخل في ذلك الشعائر العملية والشعائر الاعتقادية، ويدخل في ذلك أيضا الأركان والواجبات والمستحبات، فكل ما شرعه الله تبارك وتعالى فهو من شعائره، والمسلم مأمورٌ بأن يعظمها وأن لا يحلها؛ وذلك بأن يمتثل أوامر الله ويجتنب نواهيه، وهكذا يكون التعظيم على هذا المعنى.
وقيل إنَّ شعائر الله هي ما يتعلق بمشاعر الحج فقط من النسك؛ ولذلك فسرها بعض السلف بأنها: الصفا والمروة والبدن التي جاءت في كتاب الله تبارك وتعالى: “وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهٌِ”.
والقول الوسط إن شاء الله تعالى أن شعائر الله هي: المعالم الظاهرة من دينه، التي جعل الله تبارك وتعالى بعضها زمانيًا، وجعل بعضها مكانيًا، فهذا قول وسط بين القولين، ومعنى معالم حدود الله: هي المعالم أو العلامات الواضحات التي يمكن أن نشتقها من المعنى اللغوي، فإن الشعور أو الإشعار في اللغة هو: العلم، شعر بكذا أي: علم به، والإشعار: هو وضع العلامة كما يوضع على الهدي علامة تدل على أنه هدي فلا يحله أحد. (كيف نعظم شعائر الله).
وبناء عليه فشعائر الله كلها يجب أن تعظم سواء كانت شعائر مكانية كبيت الله الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى.. أو شعائر زمانية كالأشهر الحرم ورمضان.. أو غير ذلك من شعائر الإسلام كالصلاة والزكاة والصيام والحج والحجاب والإرث..
كما يجب على كل مسلم بعد علمه بوجوب تعظيم هذه الشعائر أن يكون على علم ودراية بالمخططات الرامية إلى تدمير هذا الدين الخاتم، وما يحاك ويبيت في سراديب مراكز الدراسات الغربية من استهداف لشعائر الإسلام بغية إسقاط هيبته في النفوس، وتنحيته بصفة نهائية عن كافة مناحي الحياة ليلقى نفس مصير الرسالات السابقة.
فإذا كان الله سبحانه وتعالى قد تكفل بحفظ هذا الدين وجعله في منأى عن التحريف والتبديل، إلا أنه يتعين على كل فرد من أمة الإسلام أن يدب ما استطاع عنه وأن يفرغ وسعه لإبراز محاسنه بالتمسك به والدعوة إليه، وتعظيم شعائره والعناية بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *