تنامي ظاهرة العنف داخل المؤسسات التعليمية ودلالاتها (التربية الإسلامية بين اللفظ الجميل والمعنى الضائع) الأستاذة ماجدة أم العلاء

عندما نقف أمام أبواب المؤسسات التعليمية، تلفت انتباهنا أسماء تذكرنا بعهد الفتوحات المباركة وزمن المجد والسؤدد؛ إذ نجد مثلا: “مدرسة خالد بن الوليد”، “ثانوية الإمام مالك”، “إعدادية صلاح الدين الأيوبي” أو “طارق بن زياد”.. 

لكن لا نلبث نكتشف أن تلك أسماء على غير مسمى، وأن تلك المؤسسات يعمرها تلاميذ يلبسون سراويل جينز مثقوبة، ويضعون على عيونهم نظارات شمسية وعلى أذرعهم وشم عقرب أو اسم فنان أمريكي مشهور.
والمشكل ليس هو المظهر الخارجي للتلاميذ، بل هو العنف الشديد الذي نلحظه في حركاتهم وفي كلامهم ومواقفهم.
ربما أصبح من اللازم على وزارة التعليم أن تغير إذاً أسماء بعض المؤسسات التي أصبحت أشبه بحلبة للمبارزة، ولن يكون من المبالغة أن نقول مثلا – إذا نظرنا إلى المستوى الذي وصل إليه العنف داخلها، وأمام أبوابها-: “إعدادية الكواسر”، “ثانوية الملاكمين الشباب” أو “مدرسة المصارعة الحرة والجيدو”،. فما أن يدق الجرس وتنتهي الحصة الدراسية حتى تبدأ حصة أخرى تسمى: “حصة تصفية الحسابات بين التلاميذ”، عندها تبدأ المعارك التي عادة ما تدور حول تلميذة جميلة.
لقد ارتفع مستوى العنف في مؤسساتنا التعليمية إلى درجة خطيرة جدا بات يهدد معها سير العملية التعليمية، فأصبح طاقم المؤسسات التعليمية يجد نفسه أمام مهمة أخرى إضافة إلى ضبط السير العادي للدروس والحصص؛ وهي مهمة البحث عن حل “للعصابات” التي تهدد أمن وسلامة المؤسسات، والتي يكون زعيمها عادة تلميذ فاشل دراسيا، يعاني من مشاكل عائلية أو من عقد نفسية.
وهذه بعض الأمثلة:
كسر النوافذ ورشقها بالحجارة، رشق السبورة بالبيض الفاسد، سرقة أمتعة التلاميذ، خلع الأبواب والكراسي، إتلاف الصنابير، تخريب الطاولات، سرقة أوراق الغياب، وغيرها من الأعمال التي تتنافى مع الأخلاق التي ينبغي للمسلم التحلي بها، ناهيك عن السب والشتم والصفع والضرب واللكم والعض والتهديد بالسلاح الأبيض.
ويتفاقم الأمر عند تعاطي التلاميذ للمخدرات.
وإذا رجعنا بالذاكرة إلى الوراء، وتذكرنا عصر الحشمة والوقار، حيث كان التعليم يبدأ من الكتاب القرآني أولا، لوجدنا أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة أصلا؛ عندما كان النظام التعليمي في غاية البساطة، وكان “الفقيه” أو”الطالب” يعلم التلميذ قراءة القرآن أولا وقبل كل شيء، وكان صغيرنا يحترم كبيرنا.
كان التعليم آنذاك لا يلجأ إلى نظريات “فرويد” أو إلى كتب jean jacques rousseau أو piaget، ورغم كل ذلك أنتج أجيالا من المناضلين والمفكرين والأطباء والعلماء والمحدثين والفقهاء…
آنذاك، كان التلميذ يتلقى المبدأ الأول للتربية والتعليم: الاحترام والانضباط، وأول وأهم مقرر دراسي كان كتاب الله عز وجل.
أما الآن، فأصبحنا نرى دكاترة في الكيمياء والفيزياء وعلوم اللغة تخرجوا من جامعات غربية ويزاولون التدريس داخل المؤسسات التعليمية في جو التوتر والتشنج.
الانحلال والعنف نتيجة طبيعية جدا للتغييرات المتتالية التي عرفها نظام التدريس، حتى أضحى النظام التعليمي بالمغرب مثل الغراب الذي أراد أن يقلد مشية الطاووس، فنسي مشيته.
لقد تم استيراد الطرائق البيداغوجية من الخارج، وتم استيراد العنف والانحلال معها أيضا؛ فالعنف مفهوم دخيل لم يكن في ثقافتنا الإسلامية السمحة، بل هو منتوج إعلامي تربوي غربي.
فأين دور مادة التربية الإسلامية في تهذيب التلميذ؟
لماذا فرّغنا هذه المادة من رسالتها الكفيلة بتهذيب الأخلاق، وتقويم السلوك؟؟
فمن يا ترى المسؤول عن جعل لفظتي: “التربية” “الإسلامية” هيكلا أجوف، مع أنهما لفظان ذوا حمولة إصلاحية عظمى؟؟؟
وأخيرا ما علينا سوى أن نحمد الله سبحانه وتعالى ونشكره لأن الوزارة لم تقم لحد الآن بإلغاء لفظتي التربية الإسلامية نهائيا من جدول الحصص. والله المستعان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *