نقطة التحول إلى اللادينية.. نظرية داروين واليهود

لقد انتشرت النظرية الدار ونية انتشارًا واسعًا في العالم الغربي، وكان هذا الانتشار بسبب بعض الأسباب والعوامل التي ساعدت على تبني الكثير من العلماء والجماهير تلك النظرية:

1- الظروف التاريخية السيئة
فقد ولدت النظرية في عصر كان فيه الصراع بين العلم والدين على أشده، وكانت الثورة الصناعية قد أخذت تطمس ملامح المجتمع الأوروبي، وتصبغه بصبغة جديدة متحللة من الدين والأخلاق، وكان الإنسان الأوروبي في كل مكان يتحفز للأخذ بثأره من رجال الكنيسة الذين أذاقوه ألوان الذل والاستعباد، فكان ظهور النظرية فتحًا جديدًا بالنسبة له، صحيح أن الجماهير وقفت أول الأمر بجانب الكنيسة ضد داروين، (ولكن موقف الجماهير بعد ذلك تغير، فلئن كانت قد عز عليها أن يسلبها داروين إنسانيتها ويردها إلى أصل حيواني، فقد أخذت تشمت في الكنيسة ورجالها الذين وجدت أن الفرصة سانحة للتخلص من نيرها المرهق وسلطانها البغيض)1.
2- الاستغلال البشع للنظرية من قبل اليهود
تقول البروتوكولات: لا تتصوروا أن تصريحاتنا كلمات جوفاء، ولاحظوا هنا أن نجاح “داروين” و”ماركس” و”نيتشه” قد رتبناه من قبل، والأثر غير الأخلاقي لاتجاهات هذه العلوم في الفكر الأممي سيكون واضحًا لنا على التأكيد2.
لذا فقد وجد اليهود في النظرية الدار ونية فرصة سانحة لتقويض عقائد الأممين، وإزالة ما بقى من أثر للدين في حياة الناس، وينبغي لكي ندرك دور اليهود في إفساد أوروبا دون تهويل في تقدير مقدرتهم الشريرة -كما فعل وليم كار- أن نقول إن عالمًا سابقًا هو لامارك3 كان قد قال شيئًا قريبًا مما قاله داروين، ولكن اليهود لم يستطيعوا استغلال نظريته لتقويض عقائد الأمميين كما فعلوا بنظرية داروين، لأن الحدث العظيم الذي رج المجتمع الأوربي كله وهو الثورة الفرنسية لم يكن قد وقع بعد، وكان المجتمع على كل ما كان يحمل من الفساد والظلم ما يزال متماسكًا بالصورة التي لا تدع لليهود فرصة الدخول، فعجزوا يومئذ عن الدخول.
ولكن الرجة التي أحدثتها الثورة الفرنسية التي اشتركوا هم في توجيهها وجهة معينة هي التي قربت الهدف، وأحدثت الثغرات التي يمكن أن ينفذوا منها، فلما قام داروين تلقفوه وأمسكوا به معولاً هائلاً لتحطيم كل القيم في حياة البشرية.
لذا كان من أهم أسباب انتشار الدار ونية الحملة الصحفية المكثفة التي أطلقت للتشهير بأعداء النظرية، وتحيُّز الصحف شبه الكامل لداروين على الكنيسة، إذ كانت الصحافة قد وقعت في قبضة المرابين اليهود، بفضل المركز المالي الذي هيأته لهم الثورة الصناعية.
موقف العلماء والجماهير من النظرية
وقد كان العلماء هم الذين ابتدئوا باعتناق نظرية داروين ثم تبعتهم الجماهير، التي وقفت في مبدأ الأمر موقفًا حاسمًا مع الكنسية ضد داروين، فقد عز عليها أن يكون أصلها حيوانيًا، ولكنها رويدًا رويدًا بدأت تغير موقفها وتعتنق أفكار داروين، وتتغاضى عن مسبة الحيوانية التي ألحقها بها في نظريته، بل بدأت تهاجم الكنيسة لموقفها من داروين، وترى في نظريته معولا يهدم ما بقي لها عليهم من سلطان، فكان عندها أن ترضى بأن تكون حيوانية الأصل على أن تبقى الكنيسة هي المتحكمة المسيطرة على حياتها.
والحقيقة أن النظرية -بصرف النظر عن صحتها أو عدم صحتها من الوجهة العلمية البحتة- لم يكن من الحتم أن تصاغ بالطريقة التي تصادم العقيدة لولا ذلك الصراع القديم الذي قام بين الكنيسة والعلماء، واستمر إلى وقت داروين وما بعده، وجعل (العلماء) يتعمدون تجريح الدين ورجاله انتقامًا مما فعلته الكنيسة من قبل، كما جعل أوروبا تهرب من إله الكنيسة وتضع الطبيعة إلهًا بدلاً منه.
لكن تلك النظرية كانت لها أبعاد مهمة ومحورية في التاريخ الأوروبي الحديث عامة، حيث كانت بمثابة شرارة البدء في التحول إلى اللادينية/العلمانية.
وهذا ما سنتناوله بإذن الله في المقالة القادمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- سلسلة تراث الإنسانية، (9/125).
2- الخطر اليهودى: 106 (البروتوكول الثانى).
3- جان باتيست (1744-1829م) من علماء الطبيعة الفرنسيين، ألف دائرة المعارف النباتية وغيره، صاحب نظرية في التطور معروفة باسمه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *