أوروبـــــــا.. وملـحـــمــة النــِّـقــاب صالح العمري

 

شـعّ الحـجاب بها فَجُنّ جنُونها *** واصّدعــت أسوارُها وحصونُها!!
وعلا الغبارُ المُدلهّمُ سماءَها *** وغشى النواصي المُكفهرّةَ طينُها(1)
ضاقت بُطهْر المؤمناتِ فكشّرت *** عن حقدِها.. والجاهليةُ دونها
وتكشّفت للناسِ عــن حُرّيةٍ *** تئدُ الفضائلَ كي تقرَّ عيونُها
يا للعجوزِ تهدّلت أشداقـُهــا.. *** وَنَبَتْ معايبُها.. وأربدَ لونُهــا !!
شمطاءُ شاخت تحت عين خلاعةٍ *** رعْناءُ .. يُوردُها الشقاءَ لَعِيْنُـها
وإذا السُّراةُ بها دُعَاةُ دَعَارةٍ *** فلسوفَ تقتحمُ الجَحيمَ سفينُها
يا سَوْءة الغربِ المُعتّق بالخنا *** لم تخبُ – ما مرّ الزمانُ– ضغونُها
لمّا رأت تاجَ العفافِ تجهّمت *** وتبدّدتْ آدابُها وفنونُها !!
أمِنَ الحضارةِ أنْ تُهان ضعينةٌ *** والذنبُ أن تَحْمي العيونَ جفونُها!!
فضحَ الحجابُ مباديئا وَضْعيّةً *** فإلى المزابل غثـُّها وسمينُها ..
حظُ العفيفةِ نقمةٌ وعـــداوةٌ ** في قوم لوطٍ .. خابَ ثمّةَ دينـُها
وإذا تعرّت جُلّلتْ بحفــــاوةٍ *** لمّــا بدت للاهثينَ فتــــونُها
هل قيمةُ الحسناءِ قِصْرُ ردائِها ** فالعُرْيُ يُعْلي ..والعفافُ يُهينُها
يا منْ لمؤمنةٍ تلظـّى دمعُهـــا *** حتى تعالى شجوُها وأنينُها
هي سلعةٌ في عُرْفكم، ومقامُها *** في شرعنا إيمانُها ويقينُها ..
جَلبَ العدو بقضّه وقضيضِه *** وجفا الصديقُ ..وذو الجلالِ يُعينُها
لمّا رأتْ عِظَمَ البلاءِ تدثّرت *** بعُرى العقيدةِ .. والكتابُ يصونها
عصماءُ لمْ تأبهْ بلوثةِ مُفسدٍ *** لفظتهُ أنسامُ الصفا وحجونُها (2)
أو سمسريٍّ تاهَ في شُبُهاتِهِ *** يُسدي الفتاوى حيثُ يطـّلبونها (3)
لله كم عبثَ النفاقُ بأمّـــةٍ !! *** وكم استطال على الذِّمام خؤونُها
كم خبّأوا دعوى الفساد تقيـّةً *** واللهُ يُخرجُ ما تكنُّ بطونُها
هي جولةٌ بين الطّهارةِ والخنا *** والفكرُ يخبو ما استطال سكونُها !!
دعْها تناطحُ صخرةً درّيةً *** وارقبْ إذا انكسرتْ هُناكَ قرونُها
واللهُ – جلَّ جلالُ ربِّك – شاهدٌ *** منهُ الحياةُ.. وفي يديه وَتينُها
قل للمداهنِ والمفاوضِ أرْبِعَا *** فإلى متى تلهو بنا صهيونُها!!
كم أوقدوا نيران حقدٍ فالتَظتْ *** والمسلمونَ وقودُها وأُتونُها
وإذا الْتفتُّ إلى مرابِعِنا بَكَتْ *** دُرَرُ القوافي..حرفـُها ولحونُهـا
أألومُ ساركوزي وفي أصقاعِنا *** أغلالـُها وشؤونُها وشجونُها !!
ناحَ الحجابُ بشرقِنا وتَسَجّرتْ *** بتأوّهاتِ البائسينَ سُجُونُها !!
واللهُ يدعو للطهارةِ والحَيَا.. *** ومُنَى الدَّعيِّ بأنْ يشيعَ مجونُها!!

أمَةَ العقيدةِ: في بلائك رفعةٌ *** حَسْبُ الحَمائمِ غُصْنُها ووُكونُها
أنتِ الطهارةُ..درُّها ودثارُها *** والحورُ في ساحِ الجنانِ وعِيْنُها
علِموا بأنكِ نخلةٌ رفرافةٌ *** خطرٌ عليهم عذقُها وغصونُها
علِموا بأنكِ مهجةٌ معطاءة ٌ *** كالسُّحْبِ.. يرتضعُ الإباءَ جَنينُها
علِموا بأنكِ قلعــةٌ نبويّـــةٌ *** كالعِرْضِ..ما أحلى الشهادةَ دونها!!
أنتِ السيــاجُ لأمــةٍ علويّةٍ *** ومكارمُ الأخلاقِ أنتِ مِعِيْنُها
تكفيكِ آيُ الوحيِ حين تنزّلت *** جُلـّى المعاني .. والكتابُ يُبِينُها
أنتِ وصيةُ أحمد في نزعهِ *** تقضي الحياةُ ولا تُردّ ديونها
أنتِ الجهادُ.. وفيك يأتلقُ الفِدا *** ويحَ الأسودِ إذا استُبيحَ عرينُها !!
أنتِ الحِمَى..أنتِ الهوا..أنتِ السَّنا *** أنتِ الجبالُ فكيف يقتلعونها؟!
أنتِ الرجاحةُ والسماحةُ والعُلا *** بلْ أنتِ معراجُ الهدايةِ والنُّهى
أنتِ الجلالةُ والرسالةُ والنّدى *** أنتِ القداسةُ كيفَ يمتهِنونها؟!
هذي أوروبا قُنّعَتْ بعدالةٍ!! *** والعُنْصريةُ لا تزالُ تُشينُها !!
وتقهقرت لمحاكم التفتيش في *** عصرِ التحاورِ.. والرّحى قانُونُها
ولو اهتدت بجمالِ طُهرك لارتقت *** لكنْ تعفر في الفجورِ جبينُها
تُغضي عن الأقصى بصائرَها وقد *** ناح الحمامُ وقد ذوى زيتونُهــا
كم أمّـةٍ طمسَ العنادُ فؤادَها *** فدَنتْ بعُقبى الظالمينَ منونُها!!
لا ترقبي إنصافَ ساستنا فقد *** شغلتهمُ كاساتُها وصحونُها
وتأمّلي في رحمة الله التي *** قَرُبَتْ لنفسٍ لا تخيبُ ظنونُها
أودَعتكِ اللهَ الكريمَ وحفظَهُ *** والله لا تخفى عليه شؤونُها..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشــــــارة إلـــى بركان أيســـلــندا..
(2)و(3) المُفْتون المفتونون المضادّون للنقاب والمجيزون للاختلاط..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *