من أهم أسباب إخفاق مشروع التعليم في المغرب

هناك إجماع وطني رسمي وشعبي على إخفاق مشروع التعليم بالمغرب، بكل مراحله وأصنافه، منذ مراحل بداية الاستقلال إلى اليوم؛ وقد سئل الدكتور خالد الصمدي رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة المولى إسماعيل بمدينة مكناس عن أسباب هذا الإخفاق فأجاب بقوله:
في اعتقادي أن هذا الحكم الذي ذكرتموه أعني إخفاق مشاريع إصلاح التعليم في المغرب يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسية:
السبب الأول: هو عدم وضوح الرؤية، وعدم توحدها، في مستقبل النظام التعليمي؛ بحيث إن الأجنحة المتصارعة الآن في الساحة الوطنية، هي أجنحة أيديولوجية كل منها يرى من زاويته الخاصة الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه المتعلم في المستقبل. إذن ليست هناك رؤية واحدة ومحددة؛ وهو ما يجعل مشاريع الإصلاح مشاريع غير موحدة بقدر ما تكون مشاريع توفيقية تحاول ما أمكن أن ترضي جميع الأطراف. هذا سبب.
أما السبب الثاني : فيعود إلى عدم الاستقلالية في اتخاذ القرار، واتخاذ الموقف ؛ بخصوص الملفات الكبرى. ومنها ملف التعليم. فقد سبق أن ذكرت لك أن الاستقلال في اتخاذ أي قرار، خاصة في المجال الاقتصادي، والمجال التعليمي بوجه أخص يحتاج إلى التضحية، يحتاج إلى بذل خاص، يحتاج إلى صبر، يحتاج إلى الاعتماد كلياً على الطاقات والموارد الذاتية. وحيث إن هذا غير متوفر في المغرب؛ فشيء طبيعي أن إصلاح التعليم الذي يتطلب وسائل وإمكانات كبيرة جداً لا يمكن أن يتم إلا عن طريق استجداء المؤسسات الدولية، والذي يقابله فرض إملاءات من جهتها، وتوجيهات ملزمة لتكييف النظام التعليمي حسب حاجاتها هي، وحسب مصالحها هي. فعلى سبيل المثال: لو أنك قررت مثلاً أن تضع في برامج التعليم وفي مادة التربية الإسلامية بوجه خاص مجموعة من المواضيع التي تحرم الخمر، والقمار، والعلاقات الجنسية غير الشرعية؛ والحال أن الاستثمار الأجنبي والتابع له، سواء في العالم العربي والعالم الإسلامي، يسير في اتجاه التمكين لمجموعة من المؤسسات التجارية التي لا تروج إلا هذا؛ فإن الجهات الممولة تتدخل؛ لحذف مثل هذه المواضيع من نظامنا التعليمي! حتى تفتح المجال بشكل أوسع للاستثمارات الأجنبية. إذ منطق حالها يقول: لا يمكنني بوصفي مشاركاً اقتصادياً، أو مؤسسة منفتحة اقتصادياً، أن أثق في نجاح الاستثمار داخل بلد يشتمل نظامه التعليمي على مجموعة من العوائق والمحددات التي لا تفتح المجال أمام الأجيال القادمة للتعامل بحرية مع المنتج الاقتصادي الجديد.
أما النقطة الثالثة في اعتقادي التي أسهمت في إخفاق مشاريع إصلاح التعليم بالمغرب، فهي الارتباط الكبير بالنظام التعليمي الفرنسي القديم، المعروف عالمياً أنه من الأنظمة المتخلفة التي لم تنتج إلا التبعية. فحتى نظام التعليم الفرنسي نفسه هو الآن عالة على التعليم الأنجلوسكسوني. ونحن نعلم أن البلدان التي اعتمدت النظام الأنجلوسكسوني كمصر، أو الأردن، أو غيرها، خاصة في منهج تكوين المكونين، وفي بناء البرامج وبناء المناهج؛ قد قطعت أشواطاً كبيرة جداً، ونجحت إلى حد ما في إصلاح التعليم. أما بالنسبة للبلدان المغاربية بشكل عام التي التصقت بشكل كبير جداً بالنموذج الفرنسي القديم، فلم تتطور، ولم تنتج، وكانت نسبة النجاح فيها أقل بكثير جداً من مساحة الإخفاق!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *