كاتب فرنسي: الفاتيكان أحد أكبر مجتمعات الشذوذ الجنسي

 

أصدر الكاتب الفرنسي والصحفي المتخصص في علم الاجتماع “فريدريك مارتيل” كتابا بعنوان “سودوما” (من ستمائة صفحة)، عرض فيه تحقيقه الذي استمر أربع سنوات عن الشذوذ الجنسي لقساوسة ورهبان الفاتيكان.

وذكر مارتيل -في حوار أجراه مع صحيفة “لونوفال أوبسرفاتور” الفرنسية- أن الشذوذ الجنسي لكبار قساوسة الفاتيكان المسيحيين يعد “من بين أكثر الأسرار التي تكتم الفاتيكان عليها في الخمسين سنة الأخيرة”.

واعترف الكاتب الفرنسي بشذوذه الجنسي، مؤكدا أنه “لا يستطيع سوى شخص شاذ جنسيا تأليف مثل هذا الكتاب”.

ونوه الكاتب الفرنسي إلى أن العنوان الذي اختاره لكتابه “سودوما” مستوحى من مدينة “سدوم”، التي ذُكرت في الكتاب المقدس (الموجودة حاليا في الأردن).

ونشر مارتيل كتابه تزامنا مع عقد قمة كبرى برعاية البابا فرانسيس حول قضية التحرش الجنسي بالأطفال داخل الكنائس.

وردا على سؤال عن رأيه بشأن فضيحة السفير البابوي في فرنسا لويجي فنتورا (74 عاما) الذي اتهم بالاعتداء الجنسي على موظف شاب في بلدية باريس؛ أجاب مارتيل بأنه “خلال الفترة الأولى من ولاية البابا يوحنا بولس الثاني كان لويجي فنتورا يعمل ضمن فريق من القساوسة من بين الذين لديهم خصال الشواذ”، وذلك تحت إشراف وزير دولة الفاتيكان في ذلك الوقت الكاردينال أغوستينو كازارولي.

فضح النفاق

وركز مارتيل في كتابه على فضح نفاق الكنيسة في الفاتيكان، مزيحا الستار عن الشذوذ الجنسي للرهبان والقساوسة المسيحيين أكثر من التركيز على الإساءات الجنسية، معتبرا أن “الفاتيكان واحدة من أكبر مجتمعات الشاذين جنسيا في العالم”.

وخلال السنوات الأخيرة، تم تداول أخبار تتحدث عن “اللوبي الشاذ” الذي يدير الفاتيكان، علاوة عن نشر الصحافة الإيطالية في عدة مناسبات فضائح عن “الانحلال الأخلاقي” لقساوسة يشغلون مناصب عليا في الفاتيكان.

وقال فريدريك مارتيل إنه كشف عن ثلاثة أنواع من الشذوذ الجنسي لدى قساوسة الفاتيكان: أولا القساوسة الشواذ الذين ماتوا على غرار الكاردينال الكولومبي ألفونسو لوبيز تروجيلو، حيث كان خلال ولاية البابا يوحنا بولس الثاني من أهم الشخصيات التي تكافح الشذوذ الجنسي.

وثانيا القساوسة الذين أدينوا أو تورطوا في قضايا اعتداءات جنسية على ذكور بالغين أو قصر.

وثالثا الرهبان الذين تم تداول أسمائهم من قبل وسائل الإعلام الكبرى.

وأضاف الصحفي الفرنسي أن المأساة الكبرى تتلخص أساسا في أن الشذوذ الجنسي والتحرش الجنسي بالأطفال كلاهما ظلا طي الكتمان في الفاتيكان بهدف التستر على شذوذ القساوسة، قبل أن يكتشفوا هم بأنفسهم هذه الفضيحة، التي تعمدوا عدم إدانتها أو اعتبارها جريمة، ويعكس ذلك طبعا حقيقة وجود نظام يتستر على هذه الفضائح في الفاتيكان ويحمي المعتدين.

وأشار فريديرك مارتيل إلى أن كشف الشذوذ الجنسي لدى أغلبية القساوسة سيؤدي إلى تشويه جميع جوانب حياة الكنيسة، خاصة أن هذه الفضيحة ستكون لها تأثيرات على الخيارات الإيديولوجية والسلوك الفردي والترويج للكهنة.

وواصل مارتيل حديثه “عاتبني عديدون واتهموا كتابي بأنه ينتقد الكنسية، وذلك ليس صحيحا، ففي الحقيقة كتابي موجه لانتقاد نوع من المجتمع الشاذ الفريد من نوعه”.

ثقافة الصمت

وتساءلت الصحيفة عن مقصد مارتيل من الإشارة في كتابه إلى أن “ثقافة الصمت لاحت خلال فترة ولاية البابا بولس السادس، التي رسخها عبر اختياراته العقائدية، مما تسبب في بروز الشذوذ الجنسي داخل الكنيسة”.

البابا فرانسيس اتخذ مؤخرا قرارا بحق الكاردينال الأميركي السابق ماكاريكن عبر تجريده من الحالة الكهنوتية بعد إدانته بتهم متعلقة بالإساءة الجنسية لأطفال.

وأوضح الكاتب الفرنسي أنه “مع تحرر المجتمعات في مطلع ستينيات القرن الماضي، وإلغاء تجريم الشذوذ الجنسي، سجلت الكنيسة -التي كانت منذ فترة طويلة “ملجأ” للمثليين جنسيا- هجرة آلاف القساوسة، كان أغلبهم من اليسار الذين يبحثون عن الزواج.

ولكن في الوقت ذاته، أصبحت الكنيسة خلال عهد بولس السادس -شيئا فشيئا- بمثابة مؤسسة صارمة بشأن ملف الأخلاقيات الجنسية. وخلال ولاية بولس السادس، أصبح الشواذ معروفين خارج الكنيسة، أما داخلها فتولدت حاجة في نفوس القساوسة من أجل كتمان شذوذهم.

صدى الكتاب

وفي إجابته عن سؤال الصحيفة بشأن الصدى الذي يتوقع أن يكون لكتابه، قال فريديرك “في الحقيقة، لا أنتظر شيئا، بل قمت بعملي باعتباري صحفيا ومختصا في علم الاجتماع، ولا يهمني الذي سيتغير بعد ذلك في الكنيسة”.

ورحب مارتيل بالقرار الذي اتخذه البابا فرانسيس مؤخرا في حق الكاردينال الأميركي السابق ثيودور إدغار ماكاريكن عبر تجريده من الحالة الكهنوتية بعد إدانته بتهم متعلقة بالإساءة الجنسية تجاه أطفال قصر وبالغين.

ووفقا لمارتيل، أصبح موقف البابا فرانسيس واضحا الآن تجاه هذا الملف، فعندما تلاحق قسيسا بتهمة الشذوذ الجنسي، يعتبر البابا ذلك قضية خاصة بالقسيس وحده ولا ينبغي معاقبته.

أما إذا تعلق الأمر بإساءة جنسية ضد القصر أو البالغين، فإن البابا في هذه الحالة يتخذ إجراءاته، التي من بينها إجبار القس المتهم على الاستقالة من منصبه، واستشهد فريديرك مارتيل في ذلك بحادثة الوزير المكلف بالملف الاقتصادي في الفاتيكان الكاردينال الأسترالي جورج بيل، الذي عُزل من منصبه بعد أن اتهم بارتكاب اعتداءات جنسية في أستراليا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *