ضرورة الرفع من سقف عقوبة من أفطر في شهر رمضان عبد الله الزناسني

“عند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال”

يعتبر القانون الجنائي المغربي في فصله رقم 222 أن: “كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي وجاهر بالإفطار في نهار رمضان في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من 12 إلى 120 درهما”، وقد تم رفع الحد الأدنى لهذه الغرامة الجنحية فيما بعد إلى 200 درهم بموجب القانون 80-3.

وهي عقوبة لا تتوافق أبدا مع عظم الخطيئة المقترفة، فكيف نعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة لا قيمة لها من ترك ركنا من أركان الإسلام، وفعل كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب.
فقد روى ابن خزيمة وابن حبان عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي (الضبع هو العضد) فأتيا بي جبلا وعرا، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار. ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دما، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم..”. (العرقوب هو: العصب الذي فوق مؤخرة قدم الإنسان).
هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة. (انظر السلسلة الصحيحة 3951)
وقال عبد الله بن مسعود: “من أفطر يوما من رمضان متعمدا من غير علة ثم قضى طول الدهر لم يقبل منه” الفتح 4/206.
وقال الذهبي في الكبائر: “وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض ولا غرض (أي بلا عذر يبيح ذلك) أنه شر من الزاني ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه ويظنون به الزندقة والانحلال” اهـ .
هذا كله طبعا فيمن غلبته شهوته ونزوته فأفطر يوما من رمضان، لا من ترك الصيام استحلالا وعنادا واستكبارا، فهذا صنف آخر عند العلماء وله أحكام أخرى.
فاستهداف الشعائر الإسلامية أمر لم يعد اليوم يخفى على أحد، ولا ينكره إلا من يعمل على تفكيك هذا الدين ويحول دون تأطيره لأي من مناحي الحياة، فبالأمس استهدفت منظومة الأخلاق والقيم وبالضبط في أحداث القصر الكبير وبعدها جمعية “كيف كيف”، واستهدفت العقيدة من خلال حملات التنصير والتشيع، واستهدف نظام الإرث، وطولب بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة ضاربين بعرض الحائط كل النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، واليوم يستهدف ركن من أركان الإسلام صراحة.
إنه لا مناص لنا اليوم من إعادة النظر في العقوبات الزجرية التي لا تتوافق أبدا مع عظم الجرائم المقترفة، ولن نذود عن حياض هذا الدين دون رفع سقفها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *