كيف يقضي المغاربة رمضانهم

يبدأ استعداد المغاربة لاستقبال شهر رمضان منذ الأيّام الأخيرة من شهر شعبان، بالاستعدادات اللازمة، كتهيئ المنزل، وتحضير بعض أنواع الحلوى الأكثر استهلاكًا، والأشد طلبًا على موائد الإفطار. وتعرف محلات الأزياء التقليدية ازدهارا ملموسا ويكثر الطلب على الخياطة التقليدية؛ حيث يفضل المغاربة رجالا ونساء ارتداء الجلباب المغربي الأصيل خلال شهر رمضان، ولا يستثنون من ذلك أبناءهم الذين يرافقونهم بهذه الأزياء لأداء صلاة التراويح.
ويتفنن أصحاب بعض المحلات في تقديم ما جد في عالم الأواني الخاصة برمضان، وتنشط في شهر شعبان ورمضان تجارة البخور وسجاد الصلاة لأن الإقبال على المساجد يكون متميزا، وخاصة صلاة التراويح، وتنشط معارض الكتب، أو تتخلل أنشطة بعض الجمعيات الثقافية والاجتماعية، ويلقى القرآن الكريم إقبالا متميزا من خلال شرائه بمختلف الأحجام.
وبمجرّد أن يتأكّد دخول الشهر حتى ترى الناس يتبادلون الأدعية والمباركات والتهاني فيما بينهم سرورًا بحلول الضيف الكريم الذي يغير حياة كثير من الناس تغييرًا كليًا.
ويتميز رمضان في المغرب بامتلاء المساجد بالمصلين، لا سيما صلاة التراويح وصلاة الجمعة، إلى حدٍّ تكتظ الشوارع القريبة من المساجد بصفوف المصلين، وتقام المصليات في الأحياء يسهر عليها منظمون، يقومون بكل ما يلزم التنظيم والسهر على راحة المصلين، مما يشعرك بالارتباط الوثيق بين هذا الشعب وبين دينه وتمسّكه بقيمه ومبادئه.
ليالي رمضان في المغرب تتحول إلى نهار؛ فبعد أداء صلاة العشاء ومن ثمَّ أداء صلاة التراويح، يسارع الناس إلى الاجتماع والالتقاء لتبادل أطراف الحديث. في جلسات “الشاي” كأهم عنصر من العناصر التقليدية المتوارثة.
شخصية (الطبّال) لا تزال ذات حضور، فعلى الرغم من وسائل الإيقاظ التي جاد بها العصر فإن ذلك لم ينل من مكانة تلك الشخصية، حيث لا زالت حاضرة في كل حيّ وكل زقاق، يطوف بين البيوت قارعا طبلته وقت السحر.
وبعد صلاة الفجر يبقى بعض الناس في المساجد لقراءة القرآن وتلاوة الأذكار الصباحية.
الفترة ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر تشهد فتورًا ملحوظًا وملموسًا، حيث تخلو الشوارع من المارة والباعة على السواء؛ لكن سرعان ما تدب الحياة في تلك الشوارع، وينشط الناس بعد دخول وقت العصر -خصوصا في الأسواق- لشراء المستلزمات الخاصة بالإفطار من الحلويات والفواكه وغيرها من المواد التموينية المهمة، مما يسبب زحاما شديدا في المحلات التجارية وعند الباعة المتجولين.
يفضّل أكثر الناس الإفطار في البيوت، إلا أن هذا لا يمنع من إقامة موائد الإفطار الجماعية في المساجد من قبل الأفراد والمؤسسات الخيرية لاسيما في المناطق النائية والقرى والبوادي.
وفيما يتعلّق بالإفطار المغربي فإن (الحريرة) تأتي في مقدّمه، بل إنها صارت علامة على رمضان، ولذلك فإنها تعد الأكلة الرئيسة على مائدة الإفطار.
وللحلوى الرمضانية حضورٌ مهم في المائدة المغربية، وهي أنواع وألوان وأشكال، وبطبيعة الحال فإن تواجد هذه الحلوى يختلف من أسرة إلى أخرى بحسب مستواها المعيشي.
وبالرغم مما يتمتع به هذا الشهر الكريم من مكانة رفيعة، ومنزلة عظيمة في نفوس المغاربة عموماً، إلا أن البعض منهم يرى أن مظاهر الحياة الجديدة ومباهجها ومفاتنها، كالتلفاز والفضائيات وغير ذلك من الوسائل المستجدة، قد أخذت تلقي بظلالها على بركات هذا الشهر الكريم، وتفقده الكثير من روحانيته وتجلياته. ويعبر البعض -وخاصة الكبار منهم- عن هذا التحول بالقول: إن رمضان لم يعد يشكل بالنسبة لي ما كان يشكله من قبل!!
ومع قرب انقضاء أيام هذا الشهر تختلط مشاعر الحزن بالفرح، الحزن لفراق هذه الأيام المباركة بما فيها من البركات ودلائل الخيرات، والفرح بقدوم أيام العيد السعيد، وبين هذه المشاعر المختلطة يظل لهذا الشهر أثره في النفوس والقلوب وقتاً طويلاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *