المخطط الأخضر.. إنجازات وإخفاقات

 

تكشف الكوارث والحروب والأزمات حاجة الدول لتأميل مخزون استراتيجي من المواد الحيوية الضرورية للمجتمعات البشرية وهو ما يطلق عليه “الأمن الغذائي”.

وظهر مفهوم “الأمن الغذائي” في نهاية ستينيّات القرن 20، وتعرفه منظمة (الفاو) بـ”توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع بالكمية والنوعية اللازمتيْن، بما يلبّي احتياجاتهم بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشطة”.

ومن مقاصد “المخطط الأخضر” تحقيق هذا الأمن الغذائي والذي يتلخص في “توفير الغذاء”، بالكمية والنوعية المطلوبة والثمن المناسب وهذا هو الذي جعل هذا المخطط في محط تساؤل عدد من المتخصصين.

وفي هذا الصدد قال البرلماني السابق محمد عصام، “يكفي أن نورد أن المغرب حسب مؤشر الأمن الغذائي يحتل الرتبة 57 عالميا، والرتبة 10 عربيا، تتفوق عليه دول توجد في مجالات صحراوية غير مساعدة إطلاقا على الإنتاج الفلاحي حسب ما نشرته “إيكونموست إيمباكت”، ..إذ لا جدوى من فلاحة لا تطعم أهلها ولا تضمن أمنهم الغذائي، وهذا يسائل الاختيارات التي ُبني عليها المخطط، ويفرض مراجعتها من الأساس، فالأولوية التي أعطيت للفلاحة التسويقية يجب مراجعتها في اتجاه رد الاعتبار لزارعة الحبوب والخضروات والزراعات الموجهة للسوق المحلي.

لقد تحول انتقاد المخطط المغرب الأخضر إلى نوع من الطابوهات، بل إن البعض يحاول إضفاء نوع من القداسة عليه، في حين أن الأمر يتعلق بسياسة عمومية وباختيارات قابلة للنقاش والانتقاد كغيرها من السياسات والبرامج، وربما كان لمسار أخنوش وقربه من دوائر نافذة في القرار العمومي، دور في إضفاء هذه الهالة على هذا المخطط”.

وفي تدوينة مطولة للصحافي الجلالي بنحليمة، قال في هذا الصدد، إن المخطط الأخضر الذي كان يُفتخر به وظل لسنوات فوق الشبهات وفوق المساءلة وفوق النقد، عبارة عن وهم كبير إذ لم يستطع أن يؤمن للمغاربة ما يأكلون ويوفر لهم حبات خضر في متناولهم، متسائلا عن فائدة مخطط قاد مناطق كاملة نحو العطش، إن لم يفلت المغاربة من رؤية حبات خضار فوق طاقتهم؟

وتساءل بنحليمة في تدوينة مطولة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عن فائدة مخطط صرفت فيه الملايير والملايير، ليجد المغاربة حالهم في الحصول اليوم على كيلوغرامات من البصل والطماطم والفلفل أشبه بالرفاه البين.

من جهته، انتقد جمال مسعودي العضو السابق بلجنة القطاعات الانتاجية بمجلس النواب، المخطط الأخضر بكونه أصل المشاكل، داعيا إلى إعادة النظر ومراجعة السياسة الفلاحية بالبلاد لكونها لا تفكر في الفلاح الصغير والمواطن الفقير، لأنها تدعم بالأساس الزراعات الموجهة للتصدير، بمعنى آخر الزراعات الكبرى للمستغلين الكبار.

واعتبر المتحدث ذاته، في تصريح إعلامي، أن الإشكال في برنامج المخطط الأخضر، هو أنه لم يخضع لتقييم حقيقي وركز على الإنتاج الموجه إلى التصدير أي دعم الفلاحين الكبار فيما غيب دعم الفلاح الصغير اللهم بعض الإجراءات البسيطة.

وتساءل اقتصاديون آخرون هل نحن أمام المخطط الأخضر أم مخطط التصدير، مضيفين نحن أمام مؤامرة خطيرة ارتكبها المشرفون على مخطط المغرب الأخضر، فمن جهة، وفق قولهم، لم يحققوا أهدافه بتأهيل الفلاح المغربي نحو العصرنة، واكتفوا بتأهيل شركاتهم الفلاحية، ومن جهة ثانية أفقدوا المغرب زراعاته الأساسية التي منها كان يقتات المغاربة، فلم ينعكس هذا المخطط على المغاربة بل انعكس سلبا، وجعل من الكثير منهم “عبيدا” لدى الشركات الفلاحية الكبرى، وضرب القدرة الشرائية للمواطن، بعد أن ارتفعت أسعار المنتوجات الفلاحية بشكل خيالي.

وقال إدريس الصقلي عدوي، رئيس منتدى الأطر والكفاءات لحزب العدالة والتنمية، في تصريح إعلامي أنه ليس ضد المخطط الأخضر وضد الفلاحة التصديرية، مشيرا إلى أن هذه الفلاحة تجلب العملة الصعبة، وتمكن الفلاحين من قيمة مضافة كبيرة، ولكن في المقابل يؤكد الصقلي، لا يجب أن ننسى الواردات الفلاحية، حيث الميزان التجاري يعاني من عجز هيكلي بسبب الواردات الفلاحية التي هي أكثر من الصادرات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *