حكم الشذوذ الجنسي في الإسلام.. تأصيل على ضوء المستجدات محمد زاوي

لقد ترك الله سبحانه وتعالى قصة قوم لوط، السدوميين الذين قلبوا الفطرة فقلب الله بهم الأرض جاعلا “عاليها سافلها”؛ ترك سبحانها وتعالى هذه القصة عبرة لمن أراد الاعتبار، دالة بعقابها على تحريم “الشذوذ”، فـ”الجزاء من جنس العمل”، وإنزال العقاب من صيغ النهي عند الأصوليين، وهو عندهم يحمل على التحريم إلا بورود قرينة الكراهة، وهي في هذه الحالة لم ترد.

وفي ثنايا حديث القرآن الكريم عن هذه القصة، جاء حكم الشذوذ الجنسي صريحا ليس فيه قطعيته ريب، مصداقا لقول الله تعالى مخاطبا قوم لوط: “أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها أحد من العالمين” (الأعراف:80)، كما قال سبحانه: “ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون” (النمل:54).

ولما كانت الفاحشة محرمة، منهيا عنها بالحتم، بموجب قوله تعالى: “ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلًا”. (الإسراء:32)، وبموجب قوله تعالى: “ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن” (الأنعام:151)؛ لما كان الأمر كذلك، فإن سلوك قوم لوط في النشاط الجنسي، بأن يأتي الذكران أمثالهم في الجنس شهوة من دون النساء، محرم بدخوله في “الفاحشة” كما جاء في الآيتين أعلاه.

وغير هذا التأصيل، يحرم الشذوذ الجنسي بمقاصده إذ هو:

– قلب للفطرة، “فطرة الله التي فطر الناس عليها، لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم” (الروم:30)، ومن انحرف عن الفطرة أو حرفها، فقد بدّل خلق الله واعتدى على طبائع الأشياء وما عليه أرادها الله أن تكون. وذلك إنكار وأي إنكار! معاداة لله وأي معاداة!

– إفساد في الأرض، والله تعالى يقول: “ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها” (الأعراف:56)، وما يكون الإفساد إن لم يكن إفسادا لسنن الله في الكون، ومنها الزوجية ذات العلاقة بموضوعنا؟

– نقض لمبدإ الاستخلاف، والله تعالى يقول: “وَعَدَ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” (النور:53).

فهل يبقى للاستخلاف معنى بعد أن تفقد البشرية سواء علاقاتها الجنسية؟!

– تهديد للنسل، وقد أراد الله له أن يستمر إلا بإذنه، فشرع لاستمراره الزواج بين الذكران والإناث، وحرم ما يخلطه ويفسده من من الزنا عموما و”زنا المحارم” و، كما حرم الإجهاض والوأد وغيرها مما يقطعه ويهدده.

وفي هذا العصر، فقد اختلطت الدعوة للشذوذ بالربا الفاحش ومافيات المخدرات واستغلال عيال الله في الارض وكازينوهات القمار وشركات الدعارة واستهداف حياء النساء والرجال معهم، إلخ. هو إذن، محرم في ذاته منذ أن شرع الله تعالى تحريمه، وباختلاطه مع فواحش الرأسمال وآلهته في هذا العصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *