من حـكـم تـعـدد الزوجات

يقال أن التعدد (مباح) في الشريعة الإسلامية، ولكن هذا التعبير ليس دقيقاً، إذ أن المباح: ما استوى طرفاه، أو ما خير الشارع المكلف بين فعله وتركه، وعلى هذا فلا مدح ولا ذم علي الفعل أو الترك.
– يقول الدكتور عبد الكريم زيدان: فتعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية مباح غير واجب ولا مندوب، إلا إذا انضم إليه أمر خارجي يجعله مندوبا.
لكن إن أقل أحوال التعدد أنه مندوب، فالله تعالى يقول: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} (النساء: 3).
ولفظ انكحوا: فعل أمر يقتضي الوجوب، فالتعدد الأصل فيه الوجوب ولكن بشروطه، وأقل أحواله الندب.
قال الحافظ في فتح الباري 9/ 104: في قوله تعالي: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء} (النساء: 3)، وجه الاستدلال بالآية أنها صيغة أمر تقتضي الطلب، وأقل درجاته الندب، فثبت الترغيب.
وهناك من قال: إن التعدد مثل سائر الأحكام يدخل تحت الأحكام التكليفية الخمسة، فقد يكون واجبا وقد يكون مستحبا وقد يكون مباحا وقد يكون حراما أو مكروها.
1- يكون التعدد واجبا: لمن قوي على ذلك وتوفرت فيه شروط التعدد لقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ} (النساء:3).
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأمر في الآية صريح بوجوب التعدد، ولا تجوز مخالفته إلا لمن خاف ألا يعدل كما نصت عليه الآية.
وكذلك يكون واجبا في حق من خاف على نفسه الفتنة أو أن يقع في الحرام وكانت عنده القدرة البدنية والمالية، فأراد أن يغض بصره ويحصن فرجه، فحينئذ يكون واجبا عليه خوفا من الوقوع في أسباب الشر.
وكذلك هناك علة أخرى وهي قلة الذكور وكثرة الإناث في هذا الزمان، فلو اقتصر كل رجل على امرأة واحدة فماذا تفعل بقية نساء المسلمين؟
2- يكون التعدد مباحا:
لمن قوي علي ذلك وتوفرت فيه شروط التعدد، لكنه لم يخف على نفسه الفتنة، وعدم الوقوع في أسباب الشر.
3- يكون التعدد مستحبا:
إذا توافرت فيه شروط التعدد، وأراد ذلك تكثيرا للنسل وتشجيع الأمة على ذلك ليستغنوا بما أحل الله عما حرم الله.
4- يكون التعدد حراما:
أ- إذا لم يعدل بين النساء.
ب- عدم القدرة المالية والجسمية وعدم الكفاءة.
جـ – إذا كان التعدد القصد منه الإضرار بالزوجة لقوله تعالى: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} (الطلاق:6).
قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجة وأحمد في مسنده عن عبادة بن الصامت -رضى الله عنه-: “لا ضرر ولا ضرار”.
5- يكون مكروها:
إذا كان هناك مرض لا يرجى برؤه، أو أمراض أخرى كالعقم، لأن النساء يردن الإنجاب كما يريده الرجال.
إن الإسلام عندما شرع التعدد للمسلمين فإنه وضع حدا وقيدا بقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} (النساء:3) فمن لم يستطع أن يعدل بين النساء، فلا يقدم على ذلك؛ إلا من يثق في نفسه فإنه سينفذ شرع الله، وينفذ ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن العدل بين النساء أمر واجب ومفروض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *