مدير مركز دراسات: محاربة الفساد بالجامعة يحتاج إلى جرأة من وزير التعليم العالي

في تصريح له كشف خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الجامعة المغربية صارت تعاني من الفساد بشكل ملفت للنظر في العشر سنوات الأخيرة، سواء تعلق الأمر بالفساد الأخلاقي أو الفساد الإداري، حيث يلاحظ تدني مستوى التعليم سنة بعد سنة، بسبب تخلّف التعليم الجامعي العالي عندنا وضعف الكثير من الأساتذة الجامعيين الذين أصبحوا عاجزين عن أداء مهمتهم على أكمل وجه، منهمكين في شؤونهم الخاصة، يجرون وراء المال والمنصب، والذين مع الأسف الشديد، كانوا يشكلون عماد البحث العلمي والأكاديمي .
وأضاف مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية “هناك بعض أساتذة الجامعة ضعيفي النفوس، فقدوا كل نبرة اعتزاز وكرامة وكبرياء، فانهاروا وانحرفوا عن طريق المعرفة والفضيلة، والبحث العلمي المبدع، إلى طريق الرشاوى والفساد، إضافة إلى انحرافاتهم مع طلابهم، وبخاصة مع طالباتهم، إذ تدنّى مستوى الحس الأخلاقي عندهم أيضا، ليتورطوا في علاقات مشبوهة مع بعض الطالبات. كما أن هناك ظاهرة لجوء بعض أساتذة الجامعة إلى السرقات الأدبيّة، إذ يسطون على أبحاث غيرهم أو أبحاث طلبتهم، وينشرونها بأسمائهم، ويجنون منها درجات وتقديرات معينة”.
وأكد السموني أن هذا الكلام لا ينبع من فراغ أو ينطوي على إساءة لأصحاب مهنة جليلة، لأن هناك أساتذة نزهاء، يتحلون بصفات الفضيلة والمعرفة والاستقامة، يستحقون منا وقفة تقدير وإجلال، وإنما كلامنا مؤكد حسب ما لدينا من معلومات، كما سبق أن أكدته أيضا تقارير لجان التفتيش والتدقيق لوزارة التعليم العالي أو المفتشية العامة لوزارة المالية.. وإن كان مصير هذه التقارير غير معروف لدی الرأي العام لحد الآن، خصوصا وأننا نخشی أن توضع في الرفوف وتصبح في زمن النسيان، كما طويت العديد من الملفات سابقا.
فبعض الكليات، وفق المتحدث ذاته، عرفت فسادا مستشريا في التسجيل في سلك الماستر والدكتوراه. فقد وقفت إحدى لجان التفتيش علی ملفات طلبة مسجلين دون أن يجتازوا مباراة الانتقاء أو أن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة في القوانين والأنظمة، ومن بين هؤلاء الطلبة نجد مسؤولين في الإدارة وبرلمانيين استغلوا نفوذهم للاستجابة لطلباتهم من أجل تسجيلهم في سلك الماستر، في الوقت الذي نجد مئات الطلبة لم تتح لهم الفرصة للدراسة، رغم أن البعض منهم حاصل على “ميزات” خلال سنوات الدراسة الجامعية.
وإذا كان هذا النوع من الفساد ذا طبيعة إدارية يتعلق باختلالات وخروقات شملت عملية التسجيل، فإن هناك فسادا من نوع آخر، إنه أخلاقي، أشد خطورة على الأول، يتعلق بتحرشات بعض الأساتذة ببعض الطالبات في الجامعة، بهدف إغوائهن وإسقاطهن بعلاقات غير بريئة، مقابل أن ينجحهن في الامتحان ويرفع من معدلاتهن في مادتهم أيضا، بحيث يتفوقن على كافة زميلاتهن وزملائهن الطلبة. مع أن مثل هؤلاء الطالبات، لم يكن يتمتعن بالكفاءة والذكاء ولا الجدية بالدراسة.
وعلى هذا الأساس فإن الجامعة المغربية تعاني من نوعين من الفساد: فساد إداري وفساد أخلاقي. ويحتاج الأمر إلى جرأة من وزير التعليم العالي لاتخاذ إجراءات حازمة ضد الفساد على ضوء تقارير التفتيش. لأننا نريد جامعة مواطنة تضم أساتذة لهم كفاءة علمية و يقدرون المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم في مجال التعليم والمعرفة، ولهم أخلاق عالية، مترفعين عن الإغراءات المادية أو الشهوات الجنسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *