“اللواط” أو الشذوذ الجنسي.. آفة قديمة تتجدد محمد زاوي

 

1-السياق العام للشذوذ

سمي الشذوذ شذوذا لأنه “خروج عن الوجود الطبيعي للإنسان”، خروج عن فطرته وطبيعته، وما عليه فُطِر كل الناس. ما من ظاهرة إلا وفيها من الشذوذ ما فيها، وهذا حكم يشمل ظاهرة النشاط الجنسي أيضا. الشذوذ قديم، عيب وانحراف عرفه الإنسان قديما، وبقي ملازما له إلى اليوم. أين المشكل إذن؟ المشكل في جعل الشاذ طبيعيا، في التطبيع مع الشذوذ الجنسي وفرض ذلك على الناس.

بالرجوع إلى الكتب المتخصصة في “علم الحيوان” (كتاب لديزموند موريس مثلا) نجد أن أصحابها يتوصلون إلى حقائق لا بد من الانتباه إليها جيدا، خلاصة تلك الحقائق أن الحيوانات خاضعة بدورها للطبيعة، حيث الذكر للأنثى والأنثى للذكر. مشاهد التزاوج بين الحيوانات توثق ذلك جيدا، وتضع المدافعين عن “الشذوذ الجنسي” في حرج. هذا عن الحيوان، فماذا عن الإنسان أرقى مخلوق، من كرمه الله تعالى بالعقل وفطره على الفطرة ودلته الرسالة على المحجة البيضاء (ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك)؟ḷ

الشذوذ قديم، إلا أن الإنسان -وفق ما توصلت إليه الأبحاث الأنثروبولوجية- لم يكن ليساوي بينه وبين الطبيعي من السلوك الجنسي، فكان يتعامل مع مظاهر الشذوذ إما بإخفائها وسترها، وإما بنبذ أصحابها إذا تحدوا الجماعة وخرقوا قواعدها.

2-قصة قوم لوط

الشذوذ الجنسي آفة قديمة، ذكرها القرآن مخبرا عن مصير قوم “سدوم”، منذ حوالي أربعين قرنا. وقوم “سدوم” هم قوم لوط، كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء. قلبوا الفطرة، فقلب الله عليهم الأرض جاعلا عاليها سافلها.

قال تعالى: “كَذَّبَتْ قَومُ لُوطٍ المُرْسَلِيْنَ، إذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِيْنٌ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيْعُونِ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ العَالَمِيْنَ ، أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ العَالَمِيْنَ، وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ ربُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ عَادُونَ، قَالُوا لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ المُخْرَجِيْنَ، قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ القَالِيْن”. (الشعراء:160-168).

هم الشواذ عن الفطرة التي خلق الله الناس عليها، إلا أنهم أخذوا يتصرفون كأنهم الأصل. لم يقبلوا النصح والتوجيه، بل هددوا صاحبه بالإخراج والطرد من الجماعة (القوم). الخباثة أصل، والطهارة طارئ وجب التطهر منه. هكذا قال قوم لوط، وكله في القرآن.

فقد قال الله تعالى: “وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَومِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِّنَ العَالَمِيْنَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّنْ دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنْتُمْ قَومٌ مُّسْرِفُونَ، وَمَا كَانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُون”. (الأعراف:80-82).

ولم يكن الله تعالى ليؤجل عذابهم إلى اليوم الآخر، فبقاؤهم كان يهددهم ويهدد من حولهم، بل يهدد الناس أجمعين. كانوا يهددون البشرية بالفناء، فلا أُسَر ولا تناسل، ولا عمارة ولا استخلاف. ولذلك أنجى الله المتطهرين، وقلب الأرض على المفاخرين بـ”الشذوذ عن الوجود الطبيعي”.

قال تعالى: “كَذَّبَتْ قَومُ لُوطٍ بالنُّذُر، إِنَّا أَرْسَلْناَ عَلَيْهِمْ حَاصِباً إلاَّ آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ، نعْمَةً مِّنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِيْ مَنْ شَكَرَ، وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بالنُّذُر”. (القمر:33-36).

3-تجدد الآفة في العصر الحالي

ليست الموجة الجديدة لـ”التطبيع مع الشذوذ الجنسي”، تحت مسمى “المثلية”، بأمر عفوي؛ بل إنها:

– أولا؛ تعبر عن أزمة نظام اجتماعي عالمي تعفن وأصبح ينتج العفن يهدد به طهارة الإنسان، مهما تعالى هذا الإنسان عن حيوانيته بالدين والأخلاق والفكر.

ثانيا؛ تعكس رغبة للمستفيدين من النظام الاجتماعي العالمي في “تقليل الأفواه” بتفكيك الأسس التي يقوم عليها محضنها الأول، بيت الولادة والتربية، أي الأسرة.

معركة مؤيدي الشذوذ الجنسي، إذن، هي على النقيض من الوالدية، على النقيض من أسر تنتج الحياة والعمل واستمرار النسل البشري، أسر تقوم بمهام إعمار الأرض والاستخلاف فيها. أدركوا ذلك أم لم يدركوه، هم مجرد أبواق، رجع صدى لمخطط عالمي لا يهم أصحابَه إلا مراكمة الأرباح.

 

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *