يعتمد قطاع غزة على الكهرباء عبر الخطوط المصرية و”الإسرائيلية” والتي تصل في أحسن أحوالها إلى 4 ساعات للمواطنين من أصل 24 ساعة..
لا زالت الإجراءات العقابية التي يتخذها رئيس السلطة محمود عباس ضد قطاع غزة مستمرة ومتصاعدة والتي جاء في آخرها قرار سلطته بوقف تمويل كهرباء غزة الواصلة عبر الخطوط “الإسرائيلية” والتي تمثل 30% من حاجات القطاع الكلية، فيما تمثل الآن أكثر من 80% من الكهرباء المتوفرة في القطاع.
ووفق المركز الفلسطيني للإعلام فبالرغم من أنّ البنك الدولي حذّر الأسبوع المنصرم من استمرار النقص في الوقود والبنى التحتية غير الكافية في قطاع غزة، إلا أنّ عباس واصل قراره بوقف تمويل كهرباء غزة.
ومحطة توليد كهرباء غزة متوقفة عن العمل للأسبوع الثاني على التوالي بشكل كامل، فيما يعتمد القطاع على الكهرباء عبر الخطوط المصرية و”الإسرائيلية” والتي تصل في أحسن أحوالها إلى 4 ساعات للمواطنين من أصل 24 ساعة.
عقاب جماعي
الحقوقي رامي عبده -رئيس المرصد الأورمتوسطي- أكد للمركز الفلسطيني للإعلام أنّ ما يحدث هو توظيف لمعاناة الأبرياء لتحقيق نفعية سياسية.
وقال: “بكل الأحوال لا يمكن وصف ما يحدث بأقل من عقاب جماعي ينطوي على حرمان السكان من تلبية احتياجاتهم الأساسية وحقهم في الحياة والكرامة الإنسانية”.
“هذه القرارات تأتي في إطار التضييق على الناس ودفعهم للثورة على حماس”، مبيناً أنّ كل الإجراءات الحالية جاءت بعد مجيء ترمب للسلطة، والذي يريد إحداث تغييرات في المنطقة أبرزها إنهاء حكم أي حركة إسلامية في المنطقة، حيث إنّ حماس هي الحركة الوحيدة التي ما زالت على رأس الحكم والسلطة في العالم العربي”.
وتمس أزمة الكهرباء شرائح المجتمع في قطاع غزة كافة، وخاصة فئة المرضى التي أكّدت وزارة الصحة تأثر الخدمات الصحية بشكل كبير بسبب أزمة الكهرباء الخانقة.
ويوضح رئيس المرصد الأورمتوسطي، أنّ أزمة خطوات عباس هذه “تمثل مساساً بمبدأ الحصول على حقوق الإنسان على قدم المساواة بين جميع البشر دون تمييز”.
ويعتقد رامي عبده، أنّ الاحتلال الصهيوني يتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى كونه الطرف الذي يحتل قطاع غزة ويتحكم في حياة السكان.
وتابع: “الاحتلال هو الطرف الذي يمّكن طرف من التحكم بحياة السكان على هذا النحو فهو يتحمل المسؤولية الكاملة عن تلبية حاجات الذين يقعون تحت احتلاله”.
وهو ما يؤكّده الكاتب عبد الرحمن شهاب مدير مركز أطلس للدراسات، أنّ الاحتلال في القانون الدولي هو المسؤول عن كل الفلسطينيين الواقعين تحت احتلاله في غزة والضفة بكل أقسامها.
ويبين أنّ الاحتلال أيضاً مسؤول عن كل قرار يتخذه فلسطيني تجاه السكان على هذه الأرض، مؤكّداً أنّه يمكن محاكمة الاحتلال بتهمة ارتكاب جريمة حرب فيما لو قطع الكهرباء أو الماء عن أي منطقة واقعة تحت احتلاله، دفع الفلسطينيون ثمنها أم لم يدفعوا.
وحول دور المؤسسات الدولية والحقوقية، تجاه هذه الإجراءات يؤكّد الحقوقي الفلسطيني، أنّهم يقومون بدعوة الأطراف للتقيد بالمبادئ الملزمة لاحترام حقوق الإنسان، مبيناً أنّهم توجهوا بمخاطبات لأطراف أوروبية ذات علاقة، وفِي الأمم المتحدة دعوناهم لممارسة دور جاد ومسؤول من أجل إنهاء حصار غزة، وتمكين السكان من العيش في حياة كريمة.
تأثير القرار
من ناحيته؛ أكّد المحلل الاقتصادي محمد أبو جياب، أنّ الحديث عن كارثة تداعيات قطع الكهرباء عن غزة بالكامل لن تكون؛ لأننا حينها سنكون قد وقعنا في الأزمة، وستتوقف كل المجالات الاقتصادية والصحية والاجتماعية.
ووصفت سلطة الطاقة والموارد الطبيعة في غزة، قرار السلطة بالتوقف عن دفع فاتورة خطوط الكهرباء “الإسرائيلية” المغذية للقطاع بأنها “كارثة كبيرة”.
يشار إلى أنّ صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، زعمت أنّ “إسرائيل” لن توقف الكهرباء عن غزة فوراً وتجري نقاشات على مستوى القيادتين السياسية والأمنية في محاولة لإيجاد حلول وبدائل للوضع الجديد، وربما يكون ذلك بالتعاون مع المجتمع الدولي.
جدير بالذكر، أنّ السلطة في الفترة الماضية لم تكن تدفع ثمن هذه الكهرباء، إنما تستقطعها “إسرائيل” من استحقاقات المقاصة الضريبية على البضائع الفلسطينية الواردة إلى قطاع غزة، والتي تصل قرابة 100 مليون دولار شهرياً.
احتمالية المواجهة
المحلل السياسي هاني البسوس، أكّد لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أنّ هذه القرارات غير المسبوقة ضد قطاع غزة تقرب فرص احتمالية المواجهة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة و”إسرائيل”.
وقال: “هذه القرارات تأتي في إطار التضييق على الناس ودفعهم للثورة على حماس”، مبيناً أنّ كل الإجراءات الحالية جاءت بعد مجيء ترمب للسلطة، والذي يريد إحداث تغييرات في المنطقة أبرزها إنهاء حكم أي حركة إسلامية في المنطقة، حيث إنّ حماس هي الحركة الوحيدة التي ما زالت على رأس الحكم والسلطة في العالم العربي”.
ويشير البسوس، إلى أنّ الأمور تصير إلى مزيد من التضييق والحصار على قطاع غزة، الأمر الذي يطرح تساؤلاً عن احتمالية أن يشعل مواجهة بين المقاومة والاحتلال، حيث قال المحلل السياسي: “يبدو أن حماس تستعد لذلك الآن، ولكن يبقى خياراً، حيث لا مخرج أمامها”.
ويؤكد المحلل البسوس، الأمل يبقى أن يكون هناك بصيص أمل للمصالحة، “لكن يبدو الثمن كبيرا بالنسبة لحماس، ولا أعتقد أنها ستوافق عليه” كما يقول.