ما وقع لشواطئنا الوطنية في أقل من 50 سنة؟

ما أن يقبل فصل الصيف بالمغرب حتى تنظف الشواطئ؛ وتعد النزل، وتمنح القروض الربوية؛ وتقام الحملات الإعلامية الواسعة لحشر الناس إلى المصطافات؛ وتتفنن المحلات التجارية في عرض آخر منتجات دور الأزياء والموضة، ويتجرد بعض الناس من لباس الحياء والحشمة والوقار، ليرتدوا لباس الوقاحة والتهتك والمجون؛ ضاربين بعرض الحائط كل القيم والأعراف والتقاليد، وكأن فصل الصيف مرحلة يرفع فيها التكليف، وتنعدم فيها الضوابط الشرعية والدينية.

لقد بات اليوم من الصعب التمييز في شواطئنا بين نساء المغرب ونساء أوروبا، ذلك أن بعض النساء -هداهن الله- اجتهدن تأسياً بالغربيات في أن يظهرن مفاتنهن دون اعتبار لأحكام الشرع الحنيف.
هذه الحالة المقززة والمخالفة للفطرة لم تعد حالة شاذة في المجتمع المغربي، إذ أصبح التطبيع لفاحشة العري على الشواطئ منتشرا فيما يشبه الوباء، عن طريق وسائل الإعلام ودور الأزياء والموضة التي غزت مجتمعنا، فأصبحت العديد من فتياتنا المغرر بهن يجتهدن في اتباع آخر صيحات الموضة في اللباس العاري عبر متابعة القنوات الفضائية، والمجلات الخليعة، وكذا فتياننا وشبابنا الذي أصبح كل همه إشباع شهوتي البطن والفرج.
إن الزائر للشواطئ المغربية سيجد نفسه محاصراً بنساء عاريات، كل ما استطعنه هو ستر العورة المغلظة فقط، ولا تجد صاحبات هذه الأجساد العارية حرجاً من التمايل والاسترخاء تحت أشعة الشمس الدافئة بغية تغيير لون الجلد، فبعض الفتيات لا يرين هذا السلوك مثيرا للاشمئزاز والاستغراب، إذ سباحة النساء عرايا في الشواطئ المغربية أصبح أمرا عادياً، بل في بعض الشواطئ من يسبحن وهن مجردات من الثياب تماما.
علما أن الشواطئ المغربية وإلى الأمس القريب (1960م) كانت في منأى عن وباء الاختلاط والعري الفاحش، فمعظم شواطئ المملكة كان غير مختلطا، إذ كان يخصص جزء منها للرجال وآخر للنساء.
فماذا وقع خلال أقل من 50 سنة؟
ماذا يا ترى حدث على مستوى منظومة الأخلاق حتى أصبحت المرأة تمشي في الشارع شبه عارية؟
إن التبرج ظاهرة انحرافية خطيرة على مجتمعنا عانينا منها بعد الاستقلال، ولا يقل خطر هذا الوباء الذي انتشر في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم عن خطر المخدرات والتدخين والسرقة والفساد عموما.
لكن المثير في الموضوع أن الرأي العام الوطني يتعامل مع القضية وكأن فشو العري الذي فاق مستوى التبرج ليصل إلى درجة العهر، صار هو الأصل والحالة الطبيعية، في حين أضحى كل من يدعو إلى محاربته ومحاصرته عنصرا خطيرا على مجتمع الحداثة والحضارة والتمدن والانفتاح..، وينعت بمصادرة الحريات الفردية.
يبدو أن الغيرة على الدين والعرض والمقدس التي تضبط البواعث؛ وتحدد الأهداف؛ وترشد السلوك؛ قد بردت بفعل برودة الإيمان في القلوب، ولم تعد عصمة النساء في أيدي أزواجهن، ولكنها أصبحت في أيدي مروجي الرذيلة وصانعي الأزياء والموضة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *