كلمة الشيخ القاضي برهون (1)

أيها الإخوة:
هذا مصير كل مخلوق، وربنا سبحانه وتعالى قال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} آل عمران:185، {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} آل عمران:185، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} في سورة العنكبوت.
أيها الإخوة:
لما توفي أبو سلمة، دخل الرسول صلى الله عليه وسلم على أم سلمة، فقال: “اللهم اغفر لأبي سلمى، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه”( 2)، ونحن نتمثل هذا الدعاء، ونقول: اللهم اخلف شيخنا الفاضل -الشيخ محمد الصمدي- في عقبه، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه، وافسح له في قبره، ونور له فيه، وافسح له في قبره، ونور له فيه، كل كلام بعد هذا لا يستفيد منه إلا ما كان من الدعاء، أو ما خلف ورائه من الثلاثة الذي ذكروا في الحديث، وبالمناسبة أقول لأبنائه، ولإخوته، ولأبناء عمومته: فلتصبروا ولتحتسبوا، فلتصبروا ولتحتسبوا، فلتصبروا ولتحتسبوا، وكونوا على مثل ما كان يدعوا إليه، أنا أقول لأبنائه بالدرجة الأولى، وهم أقرب الناس إليه، وهم أبنائه، ونحن نعلم منه رحمة الله عليه أنه كان يحب للأمة كلها أن تكون على سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وليس من أبنائه فقط، أنا أقول لأبنائه بالدرجة الأولى، وهم والحمد لله كلهم من أهل القرآن، وعلى نصيب من أهل العلم أيضا، من العلم أيضا، أقول لهم: لا تخيبوا أمل أبيكم فيكم، لا تخيبوا أمل أبيكم فيكم، كونوا على ما كان يدعوكم إليه، كما كان يدعوا إليه الناس أجمعين، كونوا على الصراط المستقيم الذي أمر الله بالاستقامة عليه، كونوا على العقيدة الصحيحة، التزموا الإسلام في أقوالكم وأعمالكم وسلوكاتكم، واطلبوا العون من الله على أنفسكم، ونقول للإخوة جميعا: يكفي في التعبير عن كل ذلك هذا الموقف الذي نحن فيه، ونحن نودع أحد العلماء، الله عز وجل يقول في سورة فاطر: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} فاطر:28 ، ويشهد شهادة حق لنفسه –أي الله- عز وجل: (وملائكته وأولي العلم)، في سورة آل عمران: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} آل عمران: 18، {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} كما في سورة الزمر.

أيها الإخوة:
هذا هو المصير، شيء واحد أذكر به نفسي أولا، وأذكر به ثانيا: هذه مناسبة لمحاسبة النفس، هذه مناسبة لمحاسبة النفس، هذه مناسبة تنتهي فيها الغطرسة، وينتهي فيها العلو، يحاسب كل منا نفسه على أي درجة هو من الإسلام، ما نسبة انتمائه لهذا الدين، في عقيدته في أخلاقه، في آدابه، في سلوكه العام، في التزامه بهذا الدين، كل منا يحاسب نفسه، لسنا بصدد محاسبة أحد، ولسنا الذين نحاسب بعضنا بعضا، لا أدري، والله لا أدري، وأنتم معي لا تدرون، أيّنا أفضل؟ أيّنا أقوم على الصراط المستقيم؟ ونحن نتلوا من كتاب ربنا في سورة الإسراء: {إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً، وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً} .
إذا؛ نحن الآن نقف مع أنفسنا وقفة محاسبة، كيف هي أخلاقنا، كيف هي معاملاتنا في ساحات العمل، في مجالات العمل، كيف نحن مع بعضنا، نحن أهل الإسلام، ونحن نعلم أن هناك أحقاد -والعياذ بالله-، وضغائن، وكراهية، وظلم، باسم الإسلام، -نسأل الله العفو والعافية-، باسم الإسلام، مع العلم أن الحق لا يختلف فيه اثنان، الحق حق، والباطل باطل، فأين نكون نحن مؤمنين من هذا؟ في صف الحق أم في صف الباطل -والعياذ بالله-؟، في صف الحق، إذا كنا –وهذا الذي ينبغي أن يكون- في صف الحق، فما الذي علينا أن نقوم فيه؟ أنا أقول: سامحوا بعضكم بعضا، تواضعوا لبعضكم البعض، اسلكوا سبيل المتقين، اسلكوا سبيل السلف، وكم من واحد يروج كلمة (سلف)، ولكنه على غير ما ترتضيه كلمة (سلف)، اسلكوا سبيل السلف في التسامح، في الإخاء، في التواضع، في التعاون، في التضامن، في الصبر، في الاحتساب، وهكذا.

أيها الإخوة:
نحن مطلوب منا -وخاصة في مناسبة كهذه-، أن نظهر على ما ينبغي أن نكون من الأدب، والتواضع، والاحترام، نذهب إن شاء الله بأدب، نذكر الله في الطريق في أنفسنا، ندعو لأنفسنا وللميت، نذكّر أنفسنا بالموقف، وأن هذا مصير الجميع، ولا مفر لأحد منه، وستجد كل نفس ما قدمت لنفسها، {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ} آل عمران:30.
أسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، حاسبوا أنفسكم -وقد كان عمر بن الخطاب يكثر من هذه الكلمات-: “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا”(3 )، فلنحاسب أنفسنا، على أي شيء نحن؟ ونحن -إن شاء الله- على الحق، على الإسلام، لسنا على شيء آخر، على الدين، لكن نريد أن نكون على الدين حقيقة، في السلوك اليومي، في المعاملات، في التعامل مع بعضنا بعض، ومع غيرنا، نحن مطلوب منا أن نكون في التعامل الحسن مع غير المسلمين، فبالأحرى مع المسلمين؟ نرجو الله عز وجل أن يثبتنا جميعا على دينه، وأن يرحم أخانا، ويوسع له في قبره، وينور له فيه، نرجو الله عز وجل أن يعامله برحمته وفضله لا بعدله، نرجو الله عز وجل أن يرحمه، ويتقبله عنده، ويغفر له ذنوبه، ويكفر عنه سيئاته، ونرجو الله عز وجل أن يثبت قلوب أبنائه، وإخوته، وأبناء عمومته، وأحبابه جميعا، نرجو الله عز وجل أن يتقبله عنده، ونرجو الله عز وجل أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يصلح أحوالنا، وأن يصلح أبنائنا، وبناتنا، وزوجاتنا، وأن يصلح أرواحنا، وأن يجعلنا على الصراط المستقيم حتى نلقاه.
بعد الصلاة -إن شاء الله كما قلت-، ننصرف في منتهى الأدب، ليس الموقف موقف نوع من العلو، ولا الاستكبار ولا العجرفة، (لا لا لا لا لا)، كلما تواضعنا كلما كنا أقرب إلى ديننا، وكلما كنا -أيضا- أدعى لأن يغفر الله لنا لأننا نتواضع له لا لغيره، كلما استقمنا كنا لبَّينا المطلوب منا أو بعضه، وفي المقبرة كما ذكر الأخ سابقا، حينما وجه التوجيه -جزاه الله خيرا- ابنه -الأستاذ عبد الله- في المقبرة -إن شاء الله- ندخل بأدب، لا نفعل كما يفعل الناس، نمر بين القبور بأدب، لا نعلو القبور، لا نجلس على القبور، لا نسير فوق القبور، هذا هو المطلوب منا، هذا هو الصح، وإلا لم يرخص بالزيارة، إذا كانت الزيارة تؤذي الموتى في قبورهم، وأنت حينما تفعل ذلك تلتزم -تنبيه- تلتزم ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور: “كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنها تذكر بالموت -أو- تذكر الآخرة “(4 )،.
نرجو الله عز وجل أن يتقبل منكم جميعا، هذه الخطوات، وأقول كما قال ابنه سابقا: أخلصوا في الدعاء لأخيكم، وأستاذكم، وشيخكم، أخلصوا له في الدعاء، تلاحظون أنني ما أردت أن أتكلم عن الشيخ، لما؟ لأن الموقف، ليس موقف رثاء من هذا النوع، كان وكان وكان وكان، نحن نعلم، ولنا صفات نعرفها عنه نحتفظ بها، ونذكرها عند المناسبة، صفات، لكن هذه المناسبة، ليس هناك وقت لنقل: كان وكان وكان وكان ونخاف أن ندخل في النهي أيضا، ولهذا نعلم منه ما نعلم إلا شيئا قليلا ولكن الذي أماته يعلم عنه كل شيء، فنتركه إليه ثم نستعين به سبحانه وتعالى على أن يغفر له ويغفر لنا معه، هذا الذي نلخص فيه هذا الموقف أو هذه الكلمة، نرجو الله أن يغفر لنا جميعا، نرجو الله أن تكون هذه الجلسة هذا الموقف هذه المناسبة مناسبة لأن يتجاوز الله عنا وهو متى شاء فعل ما شاء.
اللهم تجاوز عنا جميعا، اللهم تجاوز عنا جميعا، اللهم تجاوز عنا جميعا، اللهم أنت أعلم بالمتوفى منا وكان يحبك ويحب دينك والدعوة إليه ويحب الخير للمؤمنين اللهم تقبله عندك واغفر لنا وله وتجاوز عنا وعنه وعامله برحمتك وفضلك يا ذا الجلال والإكرام يا ذا القوة المتين يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والحمد لله رب العالمين
ونؤكد على أبنائه أن يتثبتوا وأن يصبروا ويحتسبوا ذلك عند الله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]  سجلها ثم فرغها الأخ الفاضل أبو عبد الله الإبراهيمي

(2]) رواه مسلم.

(3]) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي والحلية.

([4]) مسلم وغيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *