زعم بعض أهل الأهواء (قديماً وحديثاً) أن أهل السنة والجماعة، وصف أطلقه السلف على أنفسهم وأتباعهم؛ والحق أن: أهل السنة والجماعة وصف شرعي لأهل الحق الذين يتمسكون بالسنة حين يخرج عنها أصحاب السبل أهل الأهواء والبدع والافتراق، وأهل السنة هم الطائفة التي تبقى على الحق ظاهرة كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) .
فقد نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا على أن هذا الدين سيبقى ممثلاً بطائفة، وهي الفرقة الناجية، التي استثناها الرسول صلى الله عليه وسلم، من الفرق الهالكة عند الافتراق والاختلاف في الدين، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وغيره أنه صلى الله عليه وسلم قال: (تفترق اليهود على إحدى وسبعين فرقة، أو اثنتين وسبعين فرقة والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة) .
وقد أجمع أهل العلم وأئمة الهدى على أن هذه الفرقة الناجية هم أهل السنة والجماعة.
وأهل السنة والجماعة هم: الصحابة والتابعون والسلف الصالح وأئمة الهدى، أهل الحديث والعلم والفقه في الدين في القرون الثلاثة الفاضلة، ومن اقتفي أثرهم واتبع سبيلهم، ولم يحدث ولم يبتدع في الدين ما لم يكن من هديهم، لأنهم كانوا على المحجة البيضاء، على بينة من ربهم، لم تعصف بهم الأهواء والفتن، ولم تحرفهم البدع عن العروة الوثقى والصراط المستقيم.
وأهل السنة هم كل من هو على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون في الهدي الظاهر والباطن.
وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح بين واضح، منقول مسطور محفوظ، هو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما فهمها وعمل بها السلف الصالح، وأتباعهم.
ورغم وضوح هذا الأمر، فإن الكثير من المسلمين في هذا العصر مع اختلاط الثقافات، وانتشار البدع، واستعلاء الفرق والمذاهب الضالة، وظهور التيارات التي تشكك في المسلَّمات، جهلوا كثيراً من أمور دينهم وعقيدتهم.
وكان مما أصبح مجهولاً لدى الكثير من المسلمين: مفهوم أهل السنة والجماعة، وأصولهم وهديهم، مما جعل بعض الجاهلين يدعي: أن أهل السنة تاريخ مضى.
أو أنه ليست هناك طائفة يصدق عليها هذا الوصف.
أو أن مناهج السلف إنما هي أصول نظرية مثالية.
أو أن المسلمين جميعاً على مختلف مشاربهم على السنة.
أو أن مناهج السنة عفا عليها الزمن؛ ولا بد من البدائل بالتجديد.
أو أن أئمة السلف الصالح هم الذين اخترعوا لأنفسهم هذا الوصف.
أو أن وصف أهل السنة لم يعد يصدق على أحد؛ لأن الكل يدَّعيه ولا يُسلَّم له ذلك.
كما ظهرت أخيراً دعاوى، ومزاعم وشعارات من قبل أهل الأهواء وبعض الفرق والجماعات؛ التي تخالف السنة والجماعة، بأنها هي أهل السنة والجماعة، أو أنها منهم أو تنتمي إليهم، وهذه مزاعم عريَّة من الدليل والبرهان. (حراسة العقيدة؛ د.ناصر العقل).