طاعة الزوج أحد أركان تأسيس أسرة قوية متماسكة، إذ الأسرة كالسفينة التي تمخر عباب البحر لابد لها، إن أراد أصحابها النجاة من الأمواج العاتية ومن تقلبات الطقس القاسية من ربان يحسن قيادة الدفة إلى الوجهة الصحيحة، فكذلك الأسرة تحتاج لقائد محنك يوصلها إلى بر الأمان، والزوج هو المؤهل بفطرته التي فطره الله عليها إلى هذه القيادة، قال عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم} النساء:34، أي أن الرجل أمين على المرأة يتولى أمرها ويصلح حالها، وعليها طاعته فيما يأمر من معروف، وتقديم النصح والعون له بكل حب وإخلاص.
اجعلي زوجك جنتك
سامية مسلم
لا توجد منا -نحن الزوجات- من لا تتمنى أن تعيش حياة هنيئة سعيدة مع زوجها طيلة العمر، إلا أن مفاتيح تلك السعادة لم يجعلها الله عز وجل إلا بيد المِؤمنات الصادقات اللواتي يحرصن على تطبيق منهج الله واتباع وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم يقصر في توجيه المرأة المسلمة إلى ما يسعدها في الآخرة فقط؛ بل في الدنيا في أيضا.
أخرج الإمام أحمد في المسند والبيهقي في شعب الإيمان عن حصين بن محصن الأنصاري عن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة لها فلما فرغت من حاجتها قال لها: “أذات زوج أنت؟ قالت نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت ما آلو إلا ما عجزت عنه. قال: انظري أين أنت منه، فإنه جنتك ونارك”.
نعم، أخيتاه إنما زوجك جنتك إن شاء الله، أو نارك والعياذ بالله. فما الذي قصده يا ترى نبي الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم من تحذيره هذا لتلك الصحابية الجليلة؟
روى الإمام أحمد في مسنده وابن حبان صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها، دخلت من أي أبواب الجنة شاءت”.
فيا لها من بشرى لكل المؤمنات اللواتي أدين فريضة الصلاة، وصمن رمضان، وتخلقن بخلق العفاف والطهر، وأطعن أزواجهن، فتحت لهن أبواب الجنة الثمانية يخترن من أيها يدخلنها. فما أيسر الجنة إذن إن اتبعت النساء وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وللنساء أسوة في الصحابيات رضوان الله عليهن اللواتي كن حريصات على أن يدركن المنازل العليا في الجنة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة -وهي أسماء بنت يزيد الأنصارية- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال فإن يصيبوا أجروا، وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك كله، وقليل منكن من يفعله”.
وقد جاء في الأثر: (جهاد المرأة حسن التبعل)، إذ لا يوجد عمل ينزل المرأة منزلة الجهاد إلا طاعة زوجها وحسن تزينها له، وقليل من النساء من تفعله رغم أنه سهل يسير على من كانت حريصة على إسعاد زوجها، فأبسط شيء تكافئ به الزوجة زوجا يظل اليوم كله يتعب ويكابد المشاق -وهي مرتاحة في بيتها- من أجل توفير لقمة العيش لها وإسعادها و أبنائهما. أفلا يستحق هذا الزوج كل التقدير والاحترام والسمع والطاعة؟
فالطاعة أحد أركان تأسيس أسرة قوية متماسكة، إذ الأسرة كالسفينة التي تمخر عباب البحر لابد لها، إن أراد أصحابها النجاة من الأمواج العاتية ومن تقلبات الطقس القاسية من ربان يحسن قيادة الدفة إلى الوجهة الصحيحة، فكذلك الأسرة تحتاج لقائد محنك يوصلها إلى بر الأمان، والزوج هو المؤهل بفطرته التي فطره الله عليها إلى هذه القيادة، قال عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِم} النساء:34، أي أن الرجل أمين على المرأة يتولى أمرها ويصلح حالها، وعليها طاعته فيما يأمر من معروف، وتقديم النصح والعون له بكل حب وإخلاص.
وليس في ذلك تنقيص أو تحقير للزوجة، أو امتهان لكرامتها، وإنما هو توزيع للتخصصات في مؤسسة الزواج، فالقيمة الحقيقية للزوجة تتجلى في تحقيق الخيرية التي ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سئل: أي النساء خير؟ قال: “التي تسره (أي الزوج) إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا ماله بما يكره” رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن.
وقال عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام: “ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله خير له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله” رواه البخاري.
فبقدر إحسان الزوجة لزوجها، ورعايتها له، وبرها بقسمه، وحفظها لنفسها وماله في غيبته، بقدر ما تحقق الصلاح والخيرية في نفسها، وترفع قدرها عند الله عز وجل، بل وتفوز بالجنة إن هي ظفرت برضا زوجها كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: “أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض، دخلت الجنة” رواه الترمذي وقال حديث حسن.
أما وإن كانت من الغافلات اللواتي يستهن بحق الزوج، ولا يربطن بين مصيرهن الأخروي وهنائهن الدنيوي، وبين طاعة أزواجهن، فإليهن هذا الحديث الذي روى فيه البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه وعظ النساء فقال: “تصدقن، فأكثركن حطب جهنم”، وحينما سألنه عن السبب قال: “لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير”، وهذا تحذير منه صلى الله عليه وسلم من نكران فضل الزوج وجميل صنعه، فمعظم نساء هذا العصر -إلا من رحم الله- ترهق الزوج بما لا طاقة له من الطلبات والرغبات، وتكثر الشكوى من تقصيره، وهي لا تعلم أن جحودها هذا يسقطها في غضب العزيز الجبار.
فقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: “لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه” رواه النسائي وصححه الشيخ الألباني رحمه الله. فهلا اتقت مثل هاته الزوجات الله في أزواجهن.. بل هلا اتقين الله في أنفسهن.
إن للأخت المسلمة أسوة حسنة، وقدوة صالحة في أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فقد كانت نعم الزوجة المخلصة الوفية لخير زوج على وجه البرية، وكانت رضي الله عنها زوجة مثالية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني السمو والرفعة والكمال، فقد واست النبي صلى الله عليه وسلم بنفسها ومالها، و”كانت تثبت(ه) صلى الله عليه وسلم لما نزل عليه الوحي وتشجعه على الثبات والمضي في نشر راية الإسلام.. ووضعت تحت تصرفه كل ثروتها كما ينبغي أن تفعل الزوجة الطيبة مع الزوج الطيب” (التحفة ص: 216)، وما كان من النبي صلى الله عليه وسلم -الزوج الوفي- إلا أن يقول لعائشة رضي الله عنها معترفا بحق خديجة: “والله ما أبدلني الله خيرا منها، آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء” رواه البخاري.
فرضي الله عن خديجة وعن أمهات المؤمنين ورضي عن الصحابيات الجليلات اللواتي كن يشترين رضا الله والجنة بطاعة أزواجهن معترفات بعظم حقهم عليهن، وكيف لا يكن كذلك وهن اللواتي وَعَين حق الوعي قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه” رواه ابن ماجة و صححه الألباني في صحيح ابن ماجة.