ما العيب أن تكون دولة إسلامية لشعب مسلم!! ذ.أحمد اللويزة

ماذا جنينا كل هذه السنوات من العلمنة والفسقنة (من التفسيق) والتبعية المذلة للغير، وما حصاد أبواق الغرب الماكر الغاشم كل هذه المدة من اغتصاب التدبير المحلي لشؤون الأمة الإسلامية؟!

أليست “الثورات” اليوم ضد هذا الطغيان الذي مارسته الأنظمة المعلمنة الليبرالية مدعية الديمقراطية؟
لماذا تثور الشعوب اليوم؟
لماذا تريد كل هذا الاسقاط؟
وعلى من تصرخ وتقول “ارحل”؟
أليس ضد كل هذه الأنظمة الفاسدة التي غيبت الدين وحاربت المتدينين، وأفسدت العباد، وعلمنت البلاد، ونشرت فيها كل ألوان الميوعة والفساد، ومهدت فيها سبل الانحرف والانتكاس والارتكاس!!
ألم تتر الشعوب اليوم ضد القهر والقمع والظلم والتسلط والضغط الذي مارسته الحكومات المعلمنة الملبرلة (من الليبرالية)، والتي تصدقها وتزكيها وتشد عضدها نخب تسوق على أنها مثقفة ومفكرة ومبدعة؟!!
لكنها فاسدة حقيقة؛ تستأكل بعرض أمتها وتبيع ضميرها للأعداء. ألم تفضحها (التورات) العربية؟ بلى.
هل ثارت الشعوب لأنها تحكم وتقاد بالاسلام؟!
أو تنظم شؤون حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية والثقافية… بالاسلام وشريعة رب الأرض والسماء؟!
كلا ولا شيء من هذا يخضع للإسلام، إلا الناذر الذي لا حكم له. فنظام تونس حارب الشعب في دينه وأحصى عليه أنفاسه حتى لا يتنسمها إيمانا، وحاسبه في خفي أفكاره لعلها تظم في تناياها تدينا وإسلاما، وعليه قس باقي الأنظمة التي تعاني اليوم عزلة شعبية وحتى دولية من طرف أصدقاء الأمس، الذين كانوا يصفقون لهم ويصنفوهم كأنظمة متقدمة وديمقراطية ومتحضرة ووو!!!
فحسبوها حقا وصدقا؛ حتى انكشف الغطاء وزال الوهم وقال لهم الشعب “ارحل”، لأنه هو المخنوق الأنفاس، ولا يرى ديموقراطية وحرية إلا في تقارير من يصنف الأنظمة بحسب محاربتها للتدين، وبقدر ما يستنزف من خيرات الشعوب الإسلامية على حساب كرامتها.
ألا يرى ومن يصفون أنفسهم بقوى الفكر والتنوير الذين يعادون الدين وأهله أن كل المؤشرات تدل على أن الشعوب العربية المنتفضة يشكل لها الدين عصب الحياة ومحرك الشعور؛ عبَّر عنه المصريون بالتصويت على الدستور، وبالإقبال الباهر على إبراز مظاهر التدين عند التونسين بعد سنوات من الكتم والإخفاء، ولا ننسى ارتباط (ثورة) كل الشعوب بصلاة الجمعة، فتأمل!
إضافة إلى ما تؤكده التقارير واستطلاعات الرأي عن الفوز الكاسح المرتقب لذوي التوجهات الإسلامية. بل من الغرابة أن يكون هذا ما يؤمن به هؤلاء الديمقراطيون الموسوسون المرتعشون من حال المستقبل المشرق.
والملاحظ أيضا عن انتقادات المخالفين لحركة عشرين فبراير التي تنصب بالأساس على علاقتهم المتوترة بالدين والتدين، فينتقدون أتباع ياسين لأنهم يؤمنون بالخرافة التي لا علاقة لها بالدين الصحيح، والآخرون بعضهم يتهم بالشذوذ وانتصاره للشواذ، وبعضهم يفطر رمضان ويدافع عن المفطرين، وآخرون متهمون بالإلحاد..
المهم أن الدين لا يناقش لدى الشعوب العربية، وهي مستعدة لتوقع على بياض لمن يتبنى دينها وعقيدتها كموجه أساسي لحياتها العامة. ليس الأمر دغدغة مشاعر، ولا تهييج عواطف، ولا استغلال الدين في السياسة، وإنما هي حقيقة شعب يريد الدين لأنه متمكن من قلبه يحبه إلى حد لا يوصف، وإن غطى عليه بعض مظاهر الانحراف يذكي نارها المستبدون باسم الحرية واليمقراطية والحداثة! الذين يريدون اليوم من الشعوب أن تكفر بدينها، ومن (الإسلاميين!!) أن يتركون الدين خلف ظهورهم؛ لأن الديموقراطية ليست لصالحهم في زمن الشفافية ورحيل التزوير، طبعا لو استمر الأمر كما يبدو بعد الحراك.
ولذلك تراهم ينتجون أفلام رعب عن الدولة الدينية، ويرسمون من الفزع والرعب صورا عن الإسلاميين لو استقلوا بالحكم، يرهبون بذلك الناس وكأنهم يوجهون خطابهم لشعب يدين بالمجوسية أو البوذية فيا سبحان الله!
ثم يستأسدون على القوى الحية التي تعيش هموم الأمة ويطالبونها بضمانات حتى لايطبقوا شرع الله في شؤون حياة من اختارهم لذات الغرض، وهذا منهم ليس حبا في الشعوب، وإنما حرصا منهم على مصالحهم المهددة التي راكموها خلال سنوات من الفساد العلماني، والانبطاح الأخلاقي الذي الميع الحياة العامة، ولأنهم لا يستطيعون الحياة في غير الماء العكر، فلن يستمر الدعم الخارجي، يوم تنكشف حقيقتهم بين الشعوب، ويظهر الحق ويزهق الباطل.
لماذا الاسلاميون ملزومون في كل وقت وحين أن يقدموا تنازلات وضمانات وتعهدات لقوى الهامش والحاشية بالتزام الدولة المدنية، التي يجعلونها في مقابل الدولة الدينية، والتي هي بالمناسبة حلال على اليهود والفاتكان، حرام على المسلمين من كل جنس.
فالعجب كيف يلزَم (الإسلاميون) من طرف هؤلاء الذين تناديهم مزابل التاريخ وتلفظهم لحظات الحقيقة؟
أليست الديمقراطية تقتضي أن الأغلبية تحكم والأقلية ترضى بخيارها؟!
أو أنها الديمقراطية العربية حيث الأقلية تحكم الأغلبية؟!
أي عقل هذا وأي منطق ليس له تفسير ولا توجيه، بل ياله من غباء مفضوح مكشوف يبعث على منتهى الشفقة والاشمئزاز!!
دعوا الشعب الذي يتكلم اليوم كل باسمه يقول ما أراد، ويقرر ما يفعل ويختار من شاء، فعند الامتحان يعز المرء أو يهان. وعندها يعلم المتعلمنون وأدعياء الدمقرطة حقيقتهم عند الشعوب وإن كانت قد ظهرت في غير ما مكان، ولكن القوم صم بكم عمي لا يبصرون، لا يعقلون، لايفقهون، أو يغالطون الحقائق ولكن هيهات، فلتكونوا سعداء بأخذ العبرة من دروس التاريخ والواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *