ذكر رفيقي أن الصحابة لم يستشيروا عليا في الخلافة.. وتعجب من اشتغال أبي بكر وعمر بالخلافة بينما انشغل علي بالنبي صلى الله عليه وسلم وبتغسيله وتكفينه. بل لم يُستشر كبار الصحابة في أمر الخلافة، واقتصر على ثلاثة فقط، أي: أبو بكر وعمر وسعد بن عبادة. مع أن الثلاثة -كما يقول- يعلمون أن هذه الطريقة في تولية الخليفة غير شرعية، لأنه ليس فيها شورى ولا أخذ رأي أهل الحل والعقد. ولهذا لم يبايع علي أبا بكر بيعة رضا إلا بعد ستة أشهر. وأن عليا بايع أبا بكر مكرها تحت التهديد في البداية بعد تهديد عمر له بتحريق بيت فاطمة. وأن بيتها كان كأنه مركز للمعارضة ضد حكم أبي بكر.
عقب الشيخ مصطفى باحو على هذا الكلام بقوله:
نقرأ هذه الاتهامات عادة عند الرافضة والعلمانيين الحاقدين على الدين. أقول هذا ولا أملُّ من تكراره. فنتمنى من الأستاذ أن يجل نفسه عن هذا. أقول هذا كلامهم لا أنه هو منهم.
وادعاؤه أن أبا بكر بويع من غير مشورة المسلمين قلْبٌ للحقائق، في حديث البيعة في صحيح البخاري (6/6442): فقلت: ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار. وفي صحيح البخاري كذلك (6/6793): قال عمر لأبي بكر يومئذ: اصعد المنبر فلم يزل به حتى صعد المنبر فبايعه الناس عامة.
فواضح من هذه النصوص أن بيعة أبي بكر كانت بمشورة أهل الحل والعقد لا كما يقول رفيقي. بل كانت بإجماعهم باستثناء علي فقد كان وقع بين أبي بكر وبين فاطمة خلاف بسبب إرث النبي صلى الله عليه وسلم فتخلفت عنه وتخلف معها علي، وبعد موت فاطمة أتى وبايع واعترف لأبي بكر بفضله كما روى ذلك البخاري (4/3998) ومسلم (3/1759).
قال النووي في شرحه على مسلم (12/77): أما تأخر علي رضي الله عنه عن البيعة فقد ذكره علي في هذا الحديث واعتذر أبو بكر رضي الله عنه ومع هذا فتأخره ليس بقادح في البيعة ولا فيه. أما البيعة فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس ولا كل أهل الحل والعقد وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس. انتهى.
فقد حصل الاتفاق بين الجميع، فلماذا النبش في أسباب الفتن؟