المتباكون على (تشافيز) أشرف جويد

ما إن أغمض الرئيس الفنزويلي الهالك هوغو تشافيز جفنيه وقبض الجبار روحه حتى ضجت بعض المواقع والمنتديات وخاصة القومجية منها الموالية للنظام الأسدي برثاء قائدهم الأممي العظيم؛ قائد ثورة الفقراء في أمريكا الجنوبية؛ وصاحب المواقف البطولية؟!
ويزداد المطالع لتلك المواقع غرابة عندما يجد مقالا يترحم صاحبه على فقيد الأمة العربية تشافيز! أو عندما يشبهه أحدهم بسيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه! أو عندما يبالغ أحدهم ويقول أن تشافيز اليوم ينعم في الفردوس وأنه من الصديقين؟!
والرجل مات على غير الإسلام؛ وهذا ما نعلمه والله تعالى أعلى وأعلم. لكن لا غرابة أن نسمع مثل هذه العبارات من هؤلاء؛ فهم من قالوا وكتبوا في مداخل دمشق بعد هلاك الرئيس السوري السابق حافظ الأسد: “بشراكم يا أهل الجنة بقدوم الأسد”! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
لكن هل كان تشافيز كذلك؟
فالحقيقة أنه لا يختلف عن باقي الدكتاتوريين والمستبدين، حاول الوصول للحكم عبر انقلاب عسكري سنة 1992م تعرض عقبه للاعتقال، وأفرج عنه سنة 1994م ليخوض انتخابات رئاسية تكللت بفوزه سنة 1998م، مستغلا الشعارات وآمال الفقراء والقيم الإنسانية.
قضى فترتيه الانتخابيتين التي يسمح له بهما الدستور فسارع لتعديل دستوري يسمح له بالترشح لولاية ثالثة ورابعة وخامسة و… وإلى ما نهاية، حاله حال مبارك وبن علي..
أما ملف بلاده الحقوقي فليس بأفضل حال كما ذكر التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية لسنة 2012م؛ فحسب التقرير فإن نظام تشافيز يضيق على معارضيه ويمنحهم تهم ملفقة وجاهزة ويسجنون لدوافع سياسية، ويسخر إمكانيات الدولة لخدمة شخصه وحزبه في كل العمليات الانتخابية، ويمارس الدعاية لنفسه من الأموال العامة.
ظل تشافيز متمسكا بالكرسي إلى أن مات وعينه عليه، أوصى بالحكم من بعده لتلميذه ونائبه “مادورو”؟!
وعاش في قصره براتب ومركب مريحين للغاية.. جمهورية على الطريقة اليسارية، وصدق من سماها بـ”الجمهلكيات”.
أما عن مواقفه البطولية؟!
فهو من دعم نظام القذافي، بل قال عن معمر ما لم يقله فيه ولي عهده سيف الإسلام وهامانه عبد الله السنوسي، وزاد أن القذافي رئيس شرعي لليبيا يتعرض لمؤامرة إمبريالية رأسمالية غربية!
لا أدري من أين استنتج شرعية الطاغية حتى راجت إشاعات عن هرب القذافي لفنيزويلا من شدة عشق الرجلين ببعضهما لبعض، وتفيد تقارير بدعمه لنظام القذافي بالسلاح والمرتزقة.
ومن مواقفه البطولية أيضا دعمه للسفاح بشار الأسد بالمال والسلاح والمرتزقة أيضا، وأن نظام المقاومة والممانعة والصمود العربي الوحيد (والذي بالمناسبة لم يطلق طلقة واحدة على الكيان الإرهابي/الصهيوني منذ 40 سنة) يتعرض هو الآخر لمؤامرة كونية يشارك فيها العالم كله ومخلوقات غير أرضية؟!
ومن مواقفه البطولية وقوفه مع الدولة الصفوية الفارسية الإيرانية والتي أثبتت الأيام أنها العدو (رقم 1) للإسلام والمسلمين ولأهل السنة والجماعة؛ والعرب منهم خصوصا.
فكان أول من وصل إلى كاراكاس الرئيس الإيراني أحمدي نجاد؛ فبكى على تشافيز كما لم يبك قيس على فراق ليلى، فكان الهالك المساند الأول للنظام الفارسي (المحتل لدولة الأحواز العربية) والداعم له لتخفيف وقع العقوبات الدولية.
طبعا لن نغفل موقفه من قضية وحدتنا الترابية، فالهالك معروف عنه دعمه لجبهة البوليزاريو وطرحها الانفصالي؛ بل وحمل على عاتقه الترويج لتلك الطروحات في دول أمريكا الجنوبية. والعلاقات الدبلوماسية لحد الساعة متوترة بين المغرب وفنزويلا؛ وبلغت أوج التوتر سنة 2009 لما أعلنت وزارة الخارجية المغربية سحب سفارتها من كاراكاس ونقلها إلى الدومينيكان.
سيتبجح علينا البعض بدعم تشافيز للقضية الفلسطينية!
بالله عليكم عن أي دعم تتحدثون؟
بخطب رنانة وشعارات زائفة؟
القضية الفلسطينية لا تحتاج خطبا ولا أصواتا. ومن يريد دعمها من الحكام بصوته فقط؛ خير له أن ينحى عن الدفاع عن هذه القضية؛ وفي شرعنا الميت إما مستريح أو مستراح منه، ونحسب تشافيز من المستراحين منهم، بعد سنوات قضاها في الحكم دعم خلالها القذافي والأسد وانفصاليي الصحراء المغربية، وكرس ديكتاتورية مقنعة في بلده، لن يدفن جثمانه بل سيحنط كما حنطت جثامين لينين؛ وستالين؛ وهوشي منه؛ وماو تسي تونغ؛ وفراعنة مصر.
إنها خاتمة الطغاة والجبابرة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *