على الرغم من أهمية الزواج ودوره المهم في حفظ المجتمعات، وعلى الرغم من ترغيب الإسلام بالزواج والحث عليه، لأن البشرية لا تستمر إلا بالارتباط والزواج، فهو الضمان الوحيد لحفظ الأنساب وصيانة الأعراض، واستمرار بقاء المجتمع؛ إلا أن ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج انتشرت بشكل كبير وملفت للنظر في جميع المجتمعات وخاصة العربية منها؛ حيث لم يعد الزواج رابطا مهما يسعى لتحقيقه الشباب في ظل مجموعة من الأسباب والأعذار، وبذلك فالموضوع خطير ومهم جدا، لأنه يهدد شبابنا اليوم وأصبح يطرح العديد من التساؤلات التي تختلف أجوبتها من شخص لآخر..
إن من أبرز أسباب العزوف عن الزواج ما يلي:
– البطالة الموجودة بين الشباب، فتجد الشاب لا يستطيع أن يوفر قوت يومه، ومنهم من ليس له دخل قار، يتأرجح بين العمل المؤقت والبطالة الطويلة؛ فكيف له أن يتزوج ويتكلف بمصاريف أسرة بأكملها؟!
– غلاء المهور، وعدم القدرة على تأمين كافة متطلبات الخطبة والعرس وما بينهما؛ فما أن يتقدم الشاب لخطبة فتاة إلا ويصطدم بأهل الفتاة؛ الذين يطلبون منه الكثير فوق قدرته؛ فيفر هاربا وينسى موضوع الزواج أصلا خصوصا إذا تكرر هذا الأمر معه في أكثر من حالتين!!
– الطمع بالحصول على مواصفات من المستحيل أو شبه المستحيل أن تجتمع في فتاة واحدة؛ فهو يريدها متعلمة تعليما عاليا، وجميلة تشبه سندريلا، وغنية ميسورة؛ وووو.. وهناك بعض الشباب ممن يعيش في الخيال وعالم الوهم ويريد زوجة تشبه إحدى الممثلات أو الفنانات أو عارضات الأزياء أو..!!
– عدم وجود منزل مستقل، ورفض الفتاة أو أهلها أن تعيش ابنتهم في منزل عائلة الزوج.
– البحث عن ذات الدين، وابنة عائلة محترمة ذات نسب وحسب، حيث يطول بحثه لسنوات وسنوات؛ إلى أن يجد نفسه قد بلغ سن الخمسين ولم يجد من يبحث عنها..
– كثرة الشروط من أحد الطرفين قبل الزواج..
– طمع ولي أمر الفتاة العاملة براتبها؛ فهناك من وجد الفتاة لكن أهلها لم يوافقوا لأنهم يريدون راتبها الشهري، ولربما اشترطوا على الزوج أن تحافظ ابنتهم على دفع راتبها لهم..
– البحث عن فتاة جميلة كما يصورها الإعلام، وينسى الشباب المسلم أن الجمال زائل ولكل واحدة جمالها، وأن الجمال الحقيقي هو جمال الروح والجوهر والقلب والحياء وحسن الخلق.
– الخوف من خوض تجربة فاشلة نتيجة لتجارب الأهل أو الأصدقاء..
– غياب الوازع الديني عند الشباب ووقوعهم فيما حرم الله تعالى من الفواحش إشباعا للغريزة والشهوة الموجودة لديهم مع العاهرات والخادنات؛ وهناك نوع من الرجال يقضي معظم وقته على الكمبيوتر يدردش على الإنترنت عبر الفيس بوك وتويتر.. مع النساء والفتيات، ويتبادل معهن كلمات العشق والغرام، فيشبع رغباته ولا يريد الزواج لأن الزواج يمثل له فقط المطالبة بالحقوق والواجبات ومصاريف الأولاد و..
– فقد الثقة؛ فهناك من ظل يبحث عن فتاة ليس لها تجارب مع أي شخص غيره، وذلك نظرا لتعاملاته الكثيرة مع صديقاته أثناء فترة الدراسة أو العمل، فتكونت عنده فكرة عدم الثقه في جميع النساء إلى أن وجد نفسه وحيدا دون زوجة ولا أولاد.
ولقد فقد الثقة في المرأة جزاء له على ما كان يحدث بينه وبين الفتيات من علاقات محرمة، فظن أن الجميع مثل الصنف الذي عرفه، وهذه أكبر عقوبة له لأنه سيحرم العيش مع امرأة وباله مطمئن على عرضه وشرف أولاده، وقد يظلم المرأة إذا تزوجها، ولذلك يختار العزوبية قهرا..
– وهناك من يعتبر قرار الزواج من القرارات المصيرية في حياة الإنسان، لأن فيه الارتباط بشريك العمر، وهو بذلك قرار يحتاج إلى دراسة وتمحيص وعمليات تحليل وبحث كثيرة، فيبقى على هذه الحال لسنوات عديدة..
– وهناك من يفضل العزوبية على أن تغبنه تافهة جاهلة تسيطر عليه بمكر صفاتها القبيحة خصوصا وأن تكاليف الافتراق عند استحالة استمرار الزواج صارت من أصعب الأمور لكثرة تكاليفها..
قديما كان الشاب لا يعرف حتى كيف هو شكل الفتاة أو ملامحها؛ إنما يكتفي بأنها من العائلة الفلانية، أما الآن فأصبح الشاب يبحث هنا وهناك عن الفتاة المناسبة للزواج، وحينما يجدها بعد طول عناء يتفاجأ أن بها شيئا لايحبه أو في أسرتها، خصوصا وأنه يرى أن الزواج في الوقت الحاضر صار كورقة اليانصيب، فإما أن تنجح أو تفشل وعليك الوزر الثقيل، والزواج بالنسبة له مغامرة كبرى، ومسألة تحتاج إلى دراسة ودراية كافية.
اللهم أصلح شبابنا وبناتنا، اللهم احمهم من الاشتغال بسفاسف الأمور، وأيقظهم من سباتهم ونومهم العميق وغفلتهم والسعي وراء السراب، وارزقهم الزوجات الصالحات، والأزواج الصالحين.