النصيحة الغراء لمن أصيب بأخطر داء عبد العزيز لمسلك

لاشك أن سبب الإصابة بداء السيدا -وغيره من الأمراض الفتاكة كالزهري- هو البعد عن الله، والاجتراء على محارمه، وتعدي حدوده، واللهث وراء تحقيق أكثر ما يمكن من اللذات الحرام، ولا شك أن طريق الفاحشة لا يجنى من ورائها إلا الويلات والخزي والعار، لما يرتبط بها من شرب الخمر وتعاطي المخدرات، وضياع الأموال، وأحيانا كثيرة إزهاق الأرواح. وهذا أمر معلوم محتوم، والواقع يشهد بهذا، وإن حاول الأدعياء إخفاء هذه الحقائق وإقصاءها حين الحديث عن وسائل القضاء على هذا الوباء.
ومن هنا أقول للشاب المنخدع والمغرَّر به ذكرا كان أو أنثى، الذي طالما انساق وراء دعايات مغرضة، وشعارات عن الحق معرضة، إلى أن ابتلي بهذا الداء الخطير، هل تبين لك الآن سوء مغبة هذه الطريق أم لا؟
أظنك الآن تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما اتخذت الغواية لي طريقا، وما كنت لأهل العُهر عشيقا. ضاع شبابي وضاعت معه حياتي وأحلامي. بأي وجه ألاقي ربي، وقد أسرفت على نفسي في الموبقات، محال أن يغفر الله لي وهو القائل سبحانه: (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً)!
وهنا تضطرني إلى أن أخلص لك النصح في الخطاب، عساني أن أوفق بإذن الله إلى تقديم يد العون لك؛ حتى تخرج من غمك وقلقك مرتاح البال، مطمئن النفس، فأقول مستعينا بالله:
1- كان من قدر الله ما كان، فلعلك الآن وقد استيقظت من غفلتك، واتضحت لك مغبة طريق السوء، فيجب عليك إذ ذاك أن تعزم على سلوك طريق التوبة والندم على ما فات. وإياك أن تبقى معجبا بما كنت عليه من الفاحشة.
2- إياك واليأس من رحمة الله؛ فإن الله يتوب على من تاب؛ وهو القائل سبحانه في تتمة الآية السابقة: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)، وقال تعالى أيضا: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)، فلا تكن فريسة للشيطان مرتين: الأولى بإيقاعك في الفاحشة، والثانية بصدك عن التوبة.
3- إياك والانتقام من غيرك، فتنقل مرض السيدا لغيرك من الذكور والإناث؛ غيظا وحنقا على من أوقعك في ذلك؛ فتزداد سوءً على سوء، وإثما على إثم، عياذا بالله.
4- انصح إخوانك الشباب بالابتعاد عن الفواحش، وبين لهم مساوئها، مع فضح أساليب الغاوين الذين يزجون بالشباب إلى الهاوية.
5- كنتَ فيما مضى تبحث عن السعادة؛ فأخطأت طريقها، فها أنذا أدلك على طريقها الحقيقي؛ إنه الإيمان والعمل الصالح، اسمع ما جاء عن الله سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً)، وقارنها بقوله تعالى مبينا خطورة الإعراض عن ذكره: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً)، أظنك فهمت الفارق بين الحالين.
6- أسائلك: هل كنت تشعر بالاطمئنان، وراحة البال وأنت مقيم على الفواحش؟
لا إخالك إلا أن تقول: “ما اطمأننت قط، ولا ارتاح لي بال قط؛ بل كانت المخاوف مسيطرة على حياتي، والهم والحزن يغلب على تصرفاتي. كيف لا وقد هتكت أعراضا أمر الله بصونها، واقتحمت أبوابا نهى الله عن اقتحامها.
ثم تقول الفتاة المخدوعة: خدعوني، فمرَّغت عرضي في التراب، ودنست عرض أهلي وأقاربي؛ أصبحت عارا عليهم؛ حتى قال أبي: ليتني لم ألدها!! كنت أرخصَ السلع، أُباع بثمن بخس دراهم معدودة. ثم بعد ذلك مصيري إلى الشارع، بعد أن أخذوا مني أغلى شيء.
أقول: لن يجد الإنسان الاطمئنان وراحة البال، إلا في رحاب منهج الله؛ وفق ما أراده الله ودلنا عليه، قال تعالى: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى).
7- أشغل نفسك بما يعود عليك بالخير العظيم، والنفع العميم، لقوله تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (وأتبع السيئة الحسنة تمحها)، وأكثر ما استطعت من الطاعات والقربات لتحظى برضى الرب سبحانه.
8- لا تيأس من الشفاء وأكثر من الدعاء، فكم من كُرب فرجت بالدعاء الصادق، قال تعالى: “وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ”، وقال سبحانه: “وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ”.
وفي الختام يجب أن نعلم أنه من اللازم علينا أن نأخذ بيد من رمي به في أحضان الرذيلة ذكرا كان أو أنثى، فننتشلهم من ذلك، ونعينهم على قدر المستطاع، حتى ندمجهم وسط المجتمع، وألا نتركهم عرضة للضياع واليأس، أو فريسة للانتحار وقتل النفس. فهم أحوج إلى العطف والحنان، والرعاية والإحسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *