هل سيهدم المسجد الأقصى؟ وما حقيقة “هيكل سليمان” الذي يريد اليهود إقامته على أنقاض المسجد الأقصى؟ إعداد إبراهيم بيدون

من الأسس التي قامت عليها فكرة الدولة عند الصهاينة “إسرائيل الكبرى” والتي تمتد من النيل إلى دجلة والفرات، والقدس عاصمة لها، وأن يهدم المسجد الأقصى ليقوم مقامه “هيكل سليمان” المزعوم، ولأجل ذلك سيطروا على بيت المقدس وعملوا على تهويده عبر مراحل ولا يزالون مستمرين في تلك السياسة، كما حفروا الأنفاق تحت المسجد الأقصى تمهيدا لهدمه مستقبلا.
فهل سيهدم المسجد الأقصى؟
وما حقيقة “هيكل سليمان” الذي يريد اليهود إقامته فوق أنقاض المسجد الأقصى؟
جوابا على سؤال “هل هناك أحاديث نبوية عن هدم المسجد الأقصى من قبل اليهود؟”، أجاب الشيخ محمد صالح المنجد في موقعه “الإسلام سؤال وجواب” قائلا: “لم نقف في السنة النبوية على خبر يشير إلى تعرض المسجد الأقصى للهدم في آخر الزمان، مع أن الأحاديث الواردة في أبواب الفتن، والملاحم، وأشراط الساعة، وحوادث آخر الزمان كثيرة، ولكن ليس في أي منها إشارة إلى ذلك.
والواجب على المسلمين حماية المسجد الأقصى من اعتداء اليهود الغاصبين، الذين أفسدوا في الأرض وأكثروا فيها الفساد، ونال اعتداؤهم الإنسان والحيوان والشجر والحجر.
نسأل الله تعالى أن يرد المسجد الأقصى المبارك إلى حوزة المسلمين.
ولا ينبغي أن يفهم من كلامنا هذا أن المسجد الأقصى يستحيل هدمه أو استيلاء اليهود عليه، فإن هذا لم يرد في النصوص أيضاً، وقد استولى النصارى عليه زمناً طويلاً ثم استنقذه المسلمون من أيديهم”.

هيكل سليمان عليه السلام حقيقة أم خرافة؟
وعن سؤال “هيكل سليمان عليه السلام حقيقة أم خرافة؟”، قال الشيخ المنجد:
(“الهيكل” في اللغة العبرية يعني: “بيت الإله”.
وحسب الرواية اليهودية فإن داود عليه السلام هو الذي أسس لبناء الهيكل، ولكنه مات قبل أن يشرع في بنائه، وأن ابنه سليمان عليه السلام هو الذي قام ببناء الهيكل فوق جبل موريا، المعروف باسم هضبة الحرم، وهو المكان الذي يوجد فوقه المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة.
وللهيكل منزلة خاصة في قلوب وعقول اليهود، فإنهم يزعمون أنه أهم مكان للعبادة، وأن سليمان بناه لهم ولديانتهم…
جاء في “دائرة المعارف البريطانية” طبعة 1926م: “أن اليهود يتطلعون إلى اجتماع الشعب اليهودي في فلسطين واستعادة الدولة اليهودية وإعادة بناء الهيكل وإقامة عرش داود في القدس ثانية وعليه أمير من نسل داود” انتهى.
ليس هناك كتاب تاريخي، أو مصدر موثوق به: يثبت لنا بناء سليمان عليه السلام للهيكل، ولا يثبت لنا تاريخه، ولكننا سنذكر تاريخا مختصرا للهيكل المزعوم، كما ورد في كتب اليهود، ثم نبين بعد ذلك أن هيكل سليمان ما هو إلا خرافة، لا وجود لها في حقيقة الأمر!!
– الذي أسس لبناء الهيكل هو داود عليه السلام، والذي بناه بالفعل هو سليمان عليه السلام.
– استغرقت مدة البناء سبع سنوات، وشارك في البناء أكثر من 180 ألف رجل!!
– دمر الهيكل للمرة الأولى على يد القائد البابلي بختنصر عام 586 ق.م.
– بعد ذلك بعشرات السنين سُمح لليهود المأسورين في بابل بالرجوع إلى القدس، فرجعوا إليها وأعادوا بناء الهيكل نحو سنة 521 ق.م.
– ثم دمر الهيكل مرة أخرى على يد “تيطس” ابن الإمبراطور الروماني “سباستيان”.
– وحتى لا ينسى اليهود الهيكل، ويبقى حيا في ذاكرتهم، ابتدع حاخاماتهم طقوسا ومراسم يقوم بها كل يهودي حتى يتذكر الهيكل، عند الميلاد وعند الموت، وعند الزواج، وعند طلاء البيت… إلخ.
– وكان التدمير الثاني للهيكل في التاسع من غشت، فصام اليهود هذا اليوم من كل عام تخليدا لهذه الحادثة.
– وفي عام 135م (في عهد الإمبراطور هارديان) تم تدمير المدينة، وطرد اليهود منها..
– وفي عام 313م اعتنق الإمبراطور قسطنطين المسيحية، وبدأ ببناء الكنائس، فكانت كنيسة القيامة أول الكنائس التي أقيمت في تلك الفترة، وجعل مكان الهيكل مكانا لرمي القمامات نكاية في اليهود.
– تشتت اليهود في جميع بقاع الأرض، بسبب غدرهم، وقتلهم الأنبياء، وعصيانهم لله -كما يقول اليهود أنفسهم- فذهبوا إلى الجزيرة العربية والعراق ومصر وأوروبا، ونسي اليهود القدس، ونسوا الهيكل، إلى أن جاء القرن التاسع عشر الميلادي، فأخذوا يقلبون صفحات التاريخ المطوية للبحث عن أية مزاعم يهودية تبرر لهم الرجوع إلى القدس.
– فصاروا يعقدون المؤتمرات تلو المؤتمرات، وكان أول مؤتمر صهيوني قد عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897م، بقيادة تيودور هرتزل، بهدف إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين حتى يتمكنوا من إعادة بناء الهيكل.
– يدعي اليهود أن حائط المبكي هو من بقايا هيكل سليمان!!
– يدعي اليهود أن عودة ملكهم لن تكون إلا بالرجوع إلى القدس وإعادة بناء الهيكل، ويدعون أيضا أن المسجد الأقصى بني على أنقاض الهيكل..
– كما يدعون أن الهيكل هو أقدس مكان على وجه الأرض.
هذه باختصار قصة الهيكل كما يؤمن بها اليهود.

* هناك أدلة عديدة كلها تدل على بطلان نسبة الهيكل لسليمان عليه السلام، وأن بناء سليمان للهيكل هو مجرد أكذوبة من أكاذيب اليهود، والأدلة على ذلك كثيرة، بعضها يستفاد مما كتبه اليهود أنفسهم عن الهيكل!
من هذه الأدلة:
1- أنه لا يوجد مصدر موثوق به يثبت بناء سليمان عليه السلام لهذا الهيكل، فالقرآن الكريم قص علينا قصة داود وسليمان عليهما السلام في عدة مواضع.. فلماذا لم يتكلم القرآن الكريم عن الهيكل؟
2- أنه لا وجود لهذا الهيكل إلا في كتب اليهود، وهي كتب لا يوثق بما فيها.. فقد شكك علماء كثيرون من اليهود والنصارى في “العهد القديم” كله كمصدر موثوق به، ومن هؤلاء: “ول ديورانت” صاحب كتاب “قصة الحضارة”، و”باروخ سبينوزا” الفيلسوف اليهودي، و”موريس بوكاي” الطبيب الفرنسي.. وغيرهم.
يقول صاحب موسوعة بيت المقدس: “إن بناء الهيكل هو خرافي وخيالي، نسبه اليهود إلى سيدنا سليمان، وقصة بناء الهيكل لا يعترف بها التاريخ، وليس لها مصادر إلا كتب يهود” انتهى.
3- الأسفار التي تحدثت عن الهيكل مختلفة متناقضة فيما بينها، مما يدل على أنها ليست كتبا مقدسة ولا وحيا من الله، وإنما هي كتابات بشرية نسبت زورا وبهتانا إلى الله..
4- الدارس لنصوص الكتاب المقدس المتعلقة ببناء الهيكل يأخذه العجب والاستنكار، بل يجزم بأن قصة البناء خرافة وأسطورة لا حقيقة لها. (لأن عدد العمال (180 ألف) والمواد المستعملة في البناء خيالية، وفي المقابل حجم الهيكل = كان 30م × 10م × 15م أي: كانت مساحة أرضه 300م.م بارتفاع أربع أو خمس طوابق!! واستغرق بناؤه سبع سنوات!!)..
5- أن اليهود أنفسهم لا يتفقون على هيكل واحد، ومكان واحد.. (فقد قيل في: القدس، نابلس، قرية بيتين، تل القاضي دان)!!
6- أن من ذكر هذه الهياكل أثبت أنها قد دمرت بالكامل، فالقدس قد دمرت عام 70م..
7- الدلائل التاريخية تفيد أن الذي بنى المسجد الأقصى هو إبراهيم، أو حفيده يعقوب عليهما السلام، وكان ذلك قبل سليمان بمئات السنين، فليس من المعقول أن يقوم سليمان بهدم مكان بناه نبي مثله لعبادة الله تعالى، من أجل أن يقيم عليه هيكلا.
روى البخاري (3366)، ومسلم (520) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، قَالَ: “قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ)، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: (الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى) قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً”..
8- تقديس “الهيكل” هو عقيدة وثنية قديمة.. (تقول: إن الآلهة تسكن في السماء، وأنها إذا رغبت النزول إلى الأرض فلا تكون إقامتها إلا في بيوت كبيرة [الهيكل])..
9- بدأ اليهود عمليات الحفر تحت المسجد الأقصى للبحث عن آثار وبقايا هيكل سليمان سنة 1968م.
وقد ذكر عالم الآثار اليهودي “إسرائيل فلنكشتاين” أن علماء الآثار لم يعثروا على أي شواهد أثرية تدل على أن الهيكل كان موجودا بالفعل، واعتبر أن فكرة وجود الهيكل هي مجرد خرافة لا وجود لها..
..وصرح عالم الآثار الأمريكي “غوردن فرانز” أنه لا توجد دلائل على وجود الهيكل في هذا المكان (أسفل المسجد الأقصى) ولما سئل: أين موقع الهيكل؟ أجاب: لا أعرف، ولا أحد يعرف..
10- يزعم اليهود أن حائط البراق (الذي يسمونه حائط المبكى) هو جزء من هيكلهم المزعوم، وهذا الزعم قد أبطلته وكشفت زيفه الدراسات العلمية الحديثة، فقد أوفدت لجنة دولية للتحقيق في أحداث البراق التي وقعت سنة 1930م، وكان عمل اللجنة علميا تاريخيا، وقد أثبتت اللجنة في تقريرها أن ملكية حائط البراق تعود للعرب (المسلمين).
11- لم يذكر أحد من المؤرخين أن المسلمين لما دخلوا القدس في عهد عمر بن الخطاب وجدوا بها معبدا من معابد اليهود وهدموه، وأقاموا مكانه مسجدا.
12- البناء الذي ثبت أن سليمان عليه السلام بناه ليكون معبدا هو “المسجد الأقصى”، فقد أعاد سليمان عليه السلام بناءه وجدده، وقد أقر ببناء سليمان للمسجد الأقصى المؤرخ النصراني ابن العبري (توفي سنة 1286م) فقال: “وفي السنة الرابعة من ملكه، شرع سليمان في بناء بيت المقدس، وهو المعروف بالمسجد الأقصى” انتهى.
13- لو سلمنا جدلاً أن هذا الهيكل كان موجودا، وأن داود عليه السلام هو من أسس لبناء هذا الهيكل، وأن ابنه سليمان هو الذي أتمه، فنحن المسلمين أحق بهذا الهيكل من اليهود.. لأننا نؤمن بهما نبيين كريمين من أنبياء الله تعالى (وهم يدعون أنهما مجرد ملِكين).
14- المعروف عند اليهود أن “الكتاب المقدس” كتب في فترة الأسر البابلي، وقد ذكرنا أن اليهود سُمح لهم بالعودة إلى فلسطين بعد سنوات من الأسر، فلعل الكتبة قد زادوا بعض الأساطير حول الهيكل، تشجيعا لليهود للرجوع إلى القدس..) بتصرف.
في الأخير ليس لنا إلا أن نقول ما قال الله عز وجل: “فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ” (البقرة/79).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *